قال قتادة: بلغني أنَّهم كانوا يذهب الرَّجل بابنه إلى نوح، ويقول لابنه: احذر هذا لا يغرَّنَّكَ، فإنَّ أبي قد ذهب بي إليه وأنا مثلُك، فحذَّرني كما حذَّرتك (١).
{وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ}: أي: إلى أن تغفرَ لهم، يعني: إلى أن يفعلوا ما يستحقُّون به غفران الذُّنوب السَّالفة (٢).
{جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ}: لئلَّا يسمعوا كلامي.
{وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ}: أي: تغطَّوا بثيابهم، وجعلوا رؤوسهم فيها؛ لئلَّا يروا وجهي، ولئلَّا يقع عليهم بصري، مظهِرين أنَّهم غيرُ قابلين وعظي.
{وَأَصَرُّوا}: أي: أقاموا على شركهم.
{وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا}: أي: تعظَّموا عن إجابتي تعظُّمًا، وذكر المصدر لتأكيد الفعل.
* * *
(٨ - ١٠) - {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (٨) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (٩) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا}.
{ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا}: أي: مجاهرةً على رؤوس الملأ في المحافل.
{ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا}: أي: دعوتُهم فيما بيني وبينهم سرًّا وعلانية، وهو أن يخلوَ بالواحد فالواحد منهم، فيسرَّ إليه الدَّعوة.
وقيل: قوله: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا} في إسرار الدَّعوة، وقوله: {ثُمَّ
(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣٣٣٥)، والطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٢٩١).
(٢) في (أ) و (ف): "غفران ما سلف من ذنوبهم".