(١٣ - ١٤) - {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (١٣) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا}.
وقوله تعالى: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}: أي: ما لكم يا قوم لا تخافون للَّه عظمة وقدرةً أن يأخذَكم على إصراركم واستكباركم فلا تقدرون على دفع ذلك؟
والرَّجاء يكون للطَّمع والخوف، وهاهنا للخوف.
وقال الفرَّاء رحمه اللَّه: إنما يوضع الرَّجاء موضع الخوف مع الجحد (١)؛ لأنَّ مع الرَّجاء طرفًا من الخوف من اليأس.
{وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا}: أي: تاراتٍ وكرَّاتٍ؛ نطفةً ثم علقةً ثم مضغةً، ثم كذا وكذا إلى أنْ تمَّ الواحد منكم إنسانًا.
وقيل: {أَطْوَارًا}؛ أي: أنواعًا مختلفين، صحيحًا وسقيمًا، وبصيرًا وضريرًا، وغنيًّا وفقيرًا، وكذا وكذا؛ لتعلموا أنَّ اللَّه قدير على كلِّ ما يريد بكم.
* * *
(١٥ - ١٦) - {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا}.
وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا}: أي: بعضُها فوق بعض، وقد بيَّنَّا في سورة الملك له وجهَيْن.
{وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا}: أي: جعل القمر نورًا يهتدي به أهل الأرض في اللَّيل، وجعل الشَّمس سراجًا يضيء لهم في نهارهم ليتوصَّلوا به إلى التَّصرُّف في معايشهم، يُجري ذلك كلَّه على نظام واحد معروف، يدلُّ على أنَّهما
(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء (١/ ٢٨٦).