مسخَّران لقادرٍ عالمٍ حيٍّ (١) مريدٍ مختارٍ، لا يشبه شيئًا من المخلوقات.
ثم قوله تعالى: {فِيهِنَّ} مع أنَّ القمر في واحدةٍ منهنَّ له وجوهٌ:
أحدها: أنَّ تلك الواحدة بعضها، فيجوز الإضافة إليها إذا كان في بعضها، كما في قوله: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} الحج: ٢٨، وذلك يكون في بعضها، وكما يقال: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} في شهر رمضان، وكما في قوله: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} الأنعام: ١٣٠، وإنَّما أتَوا من الإنس.
والثَّاني: أن قوله {فِيهِنَّ}؛ أي: معهنَّ؛ أي: خلق القمر مع خلق السَّماوات، وهو كقوله: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} الفجر: ٢٩؛ أي: مع عبادي.
والثَّالث: أنَّ القمر في سماء واحدٍ، والنُّور في كلِّ سماء؛ لأنَّ السَّماوات لطيفة لا تحجب نوره، فهو نورٌ في كلِّها.
* * *
(١٧ - ٢٠) - {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (١٧) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (١٨) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (١٩) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا}.
وقوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا}: أي: أخرج أباكم من الأرض لأنَّه خلقَه من طينها، وأنتم منه، فكان إنباتًا لكم.
وقوله تعالى: {نَبَاتًا}؛ أي: فنبتُّم نباتًا.
وقيل: تدخل مصادر بعض الأبواب في بعضٍ إذا كان الأصل واحد، كما قال: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} المزمل: ٨، ولم يقل: تبتُّلًا.
(١) في (أ): "عليهم" بدل من "عالم حي".