قوله تعالى: {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا}: أي: أحدًا يدور في الأرض بالذَّهاب والمجيء.
وقيل: {دَيَّارًا}؛ أي: صاحبَ دار، وأصله: دَيْوَارٌ على وزن فَيْعالٍ، كالقيَّام هو فَيْعالٌ، ولو كان فعَّالًا لكان دوَّارًا وقوَّامًا.
{إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ}: فيكون منهم الإفساد دون الإصلاح.
{وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا}: أي: إلَّا مَن إذا بلغَ فجَر وكفَر، وهو كقوله: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} الصافات: ١٠١، و {بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} الحجر: ٥٣؛ أي: إذا بلَغ مبلغَ العلم والحلم صار موصوفًا بهما.
وإنَّما قال ذلك لأنَّ اللَّه تعالى أخبره بقوله: {أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} هود: ٣٦.
ثمَّ معنى خطابه اللَّه تعالى بهذا الكلام مع أنَّ اللَّه تعالى هو الذي كان أخبره به: أنَّه اعترافٌ منه وتصديقٌ بما أخبرَه اللَّهُ تعالى به.
* * *
(٢٨) - {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا}.
{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا}: قال ابن عبَّاس: وكان أبواه مسلمين (١). لَمْك بنُ مَتُّوشَلَخ وسَمْحا بنتُ أنوش.
{وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}: قال ابن عبَّاس: عامَّة المؤمنين والمؤمنات (٢).
(١) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (٨/ ٣٧٥) عن الحسن. وهو في "تفسير مقاتل" (٤/ ٤٥٢).
(٢) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣٣٤٣)، والطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٣٠٨) عن قتادة، وذكره =