متراكبين؛ شهوةً لِمَا سمعوه منه، وحرصًا على التَّمكُّن منه. على هذا أكثر المفسِّرين.
وقيل: هو قول الجنِّ حين رجعوا إلى قومهم، قالوا: لَمَّا قام رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلِّي كاد أصحابُه يكونون عليه لبدًا تعظيمًا له.
وقال الكسائيُّ: {لِبَدًا}؛ أي: ركامًا (١).
وقال الأخفش: أي: جماعات. واللِّبْدةُ: الجماعةُ (٢).
وقال القتبيُّ: كادوا يلبدون به (٣)؛ أي: يلصقون به.
وقيل: أي: ولَمَّا قام عبد اللَّه يدعو إلى اللَّه.
* * *
(٢٠ - ٢٢) - {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (٢٠) قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (٢١) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا}.
{قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي}: أي: قل يا محمَّد للمشركين: إنَّما أعبد (٤) خالقي {وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} مِن خلقِه.
وهذه قراءة حمزة (٥) وعاصم، وقرأ الباقون: {قَالَ} (٦)؛ عطفًا على قوله: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ}.
{قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا}: أي: كفرًا؛ فإنَّه ضارٌّ {وَلَا رَشَدًا}؛ أي: إيمانًا، فإنَّه
(١) ذكره الواحدي في "البسيط" (٢٢/ ٣٢١).
(٢) وذكره أيضًا أبو عبيدة في "مجاز القرآن" (٢/ ٢٧٢).
(٣) انظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة (ص: ٤٩١).
(٤) في (أ): "أدعو".
(٥) في (ف): "حمزة قل إنما".
(٦) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٦٥٧)، و"التيسير" للداني (ص: ٢١٥).