(١٧) - {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا}.
{فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا}: قال الحسنُ: أي: إن لم تتَّقوا اليوم في الدُّنيا فكيف تتَّقون يومًا يجعل الولدان شيبًا؛ أي: إن لم تتَّقوا اليوم لن ينفعكم الاتِّقاء يوم القيامة.
وقيل: هو استفهامٌ بمعنى التَّقريع؛ أي: كيف تَقُون أنفسكم عذابَ يوم القيامة إن كفرتم باللَّه.
والاتِّقاء: افتعال من الوقاية، وهو التَّوقِّي.
قوله تعالى: {يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} صفة اليوم.
والشِّيبُ: جمع أشيب، والشَّيبُ: بياض الشَّعر.
وقيل: هو على حقيقته، تَشيب الولدانُ من هيبته، وذلك إذا قيل لآدم: ابعث بعثَك إلى النَّار، فيقول: كم من كم؟ فيقال: مِن كلِّ ألفٍ تسعُ مئة وتسعةٌ وتسعون، فحينئذ تَشيب الولدان شيبًا (١).
وقيل: هو مبالغةٌ في وصف شدائد ذلك اليوم، يُقال: هذا أمر يُشيب الوليد، قال الشَّاعر:
دهتْنا أمورٌ تُشيْبُ الوليد... ويَخذِلُ فيها الصَّديقَ الصَّديق (٢)
(١) روى البخاري (٣٣٤٨)، ومسلم (٢٢٢) من حديث أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه: "يقول اللَّه عز وجل: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك، قال يقول: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار قال: من كل ألف تسع مئة وتسعة وتسعين، قال: فذاك حين يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها. . . ".
(٢) البيت لعلي بن أمية. كما في "عيون الأخبار" لابن قتيبة (١/ ٢١٥)، و"ربيع الأبرار" للزمخشري (٤/ ١٥٨).