وابن عامر: {وَنِصْفِهِ} بالخفض، وكذلك {وَثُلُثَهُ}؛ أي: أدنى من ذلك كلِّه.
وقرأ الباقون: {وَنِصْفَهُ} بالنَّصب (١)، وكذلك: {وَثُلُثَهُ}؛ عطفًا على قوله: {أَدْنَى}، وهو منصوب بوقوع {تَقُومُ} عليه.
قالت عائشة رضي اللَّه عنها: إنَّ اللَّه افترضَ قيام اللَّيل في أوَّل هذه السُّورة، فقام نبيُّ اللَّه وأصحابُه حولًا حتى انتفخَتْ أقدامَهم، وأمسك اللَّه تعالى خاتمة هذه السُّورة اثني عشر شهرًا في السَّماء، ثم أنزل اللَّه التَّخفيف في آخر هذه السُّورة، فصار قيام اللَّيل تطوُّعًا بعد فرضه (٢).
وقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ}؛ أي: اللَّيل.
{أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ}؛ أي: أقلَّ من الثُّلثين.
{وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ}: على قراءة النَّصب: أي: وتقوم نصفَ اللَّيل وثلثَ اللَّيل.
وعلى قراءة الخفض: تقوم أقلَّ من نصفِ اللَّيل، أو أقلَّ من ثلثِ اللَّيل.
{وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ}: أي: من أصحابك يفعلون كذلك، وله وجهان:
أحدهما: كانوا ربَّما قاموا كذا، وربما قاموا كذا، وكانوا (٣) لا ينقصون عن ثلث اللَّيل، وقد يزيدون عليه، فقد كانوا أُمِروا في أوَّل السُّورة بذلك على التَّخيير، فامتثلوا لِمَا أُمِروا به في ليال مختلفة، كمَن حنث في أيمان، فكفَّرَ في بعضها بالعتق، وبعضها بالكسوة، وفي بعضها بالإطعام.
والثَّاني: أن يكون بعضهم كان يقوم الثُّلث، وبعضهم النِّصف، وبعضهم الثُّلثين، كقومٍ حنثوا في اليمين، فكفَّر كلُّ حالف بنوع.
(١) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٦٥٨)، و"التيسير" للداني (ص: ٢١٦).
(٢) رواه مسلم (٧٤٦).
(٣) في (ف): "كانوا ربما قاموا كذا وقاموا كذا وقاموا كذا".