أنَّ المعنى: أنَّ العسر للكفَّار خاصَّة، كما قال: {وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا} الفرقان: ٢٦، ثم قوله: {غَيْرُ يَسِيرٍ} تأكيد له بغير لفظه، كقولك: أنا لك وادٌّ غيرُ مبغضٍ، ووليٌّ غيرُ عدوٍّ.
وعلى هذا لا وقف على قوله: {عَسِيرٌ}.
وحكي أنَّ علي بن الفضيل بن عياض صلَّى خلف إمام في الفجر، فقرأ الإمام هذه الآية، فغلب الخوف عل قلب عليٍّ فسقط ميتًا (١).
* * *
(١١) - {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا}.
وقوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} و: وهذا وعيدٌ للوليد بن المغيرة، وتطييبٌ لقلب النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، يقول: كِلْ إليَّ يا محمَّد أمرَ الوليد المشرك، الذي خلقتُه وأخرجتُه من بطن أمه فردًا وحيدًا، لا مال له، ولا ولد له. وهو تفسير مجاهد وقتادة: أنَّ الوحيد صفة للوليد (٢).
ويدل عليه قوله تعالى: {وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (١٢) وَبَنِينَ شُهُودًا}؛ أي: بعد ذلك.
وقال الحسن: {وَحِيدًا}؛ أي: عاريًا (٣).
(١) روي نحو هذه القصة عن زرارة بن أوفى. روى ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٧/ ١٥٠)، وابن قتيبة في "عيون الأخبار" (٢/ ٣٩٤)، والحاكم في "المستدرك" (٣٨٧١)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٢/ ٢٥٨) عن بهز بن حكيم أن زرارة بن أوفى أمَّهم الفجر في مسجد بني قشير، فقرأ حتى إذا بلغ: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} خرَّ ميتًا. قال بهزة فكنت فيمن حمله.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٤٢١ - ٤٣١) عن ابن عباس ومجاهد وابن زيد والضحاك وعكرمة.
(٣) لم أجده.