وقيل: تستكثرُ الأنصار بذلك؛ أي: لا يكن عطاؤك للنَّاس استنصارًا بهم واستتباعًا لهم، {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}؛ أي: فاجعل إعطاءك للنَّاس للَّه تعالى وفي رضاه.
* * *
(٨ - ١٠) - {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ}.
{فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ}: أي: نُفخ في الصُّور، وفي "ديوان الأدب": النَّقر: الصَّفير (١).
{فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ}؛ أي: حينئذ.
{يَوْمٌ عَسِيرٌ}: أي: صعب في نفسِه؛ لِمَا فيه من الشَّدائد والأهوال ومَخُوفِ الأحوال.
{عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِير}: لأنَّهم يُناقَشون في الحساب، وتُسودُّ وجوههم، وتزرقُّ أعينهم، وتتكلَّم جوارحهم، وتظهر على رؤوس الأشهاد فضائحُهم.
ثم قوله: {غَيْرُ يَسِيرٍ} بعد قوله: {عَسِيرٌ} له وجهان:
أحدهما: أنَّه وصَفَه أوَّلًا بالعسر، فاحتمَل أن يكون عسرُه عامًّا للكلِّ، فميَّز الكفَّار باختصاصهم بعُسره.
والثَّاني: أن يكون وصَفَه أوَّلًا بالعسر لأنَّه في نفسه كذلك للجميع، وقد رُوي أن الأنبياء يومئذ يفزعون، والولدان يشيبون، ثم لَمَّا كان عسرُه على المؤمنين ينكشف عنهم ويبقى على الكافرين، بل يزداد، خُصُّوا بالذِّكر، فقيل: {عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ}.
وعلى الوجهين جميعًا يحسُنُ الوقوف على قوله: {يَوْمٌ عَسِير}.
ويحتمِل وجهًا ثالثًا: {فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكَافِرِينَ} هذا متَّصِل، على
(١) انظر: "ديوان الأدب" لأبي إبراهيم الفارابي (٢/ ١١٣)، ولفظه: (ونقر به نقرًا؛ أي: صفر، ونقره؛ أي: عابه).