مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ}.
قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّار}: خزنتَها {إِلَّا مَلَائِكَةً}؛ أي: لا تُطيقهم البشر لشدَّة أمرهم واستحكام قوَّتهم.
{وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ}: أي: عددَهم هذا وذكرَهم لهؤلاء {إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا}؛ أي: ابتلاءً واختبارًا لينظروا ويتفكَّروا، ويردُّوا الأمر في ذلك إلى أنَّ اللَّه لم يفعل ذلك إلَّا لمعنًى، وضرب تدبير (١)، فيقرُّوا بنفسه؛ أي (٢): بأصله، ويَكِلوا تفسيره إلى اللَّه الحكيم، الذي لا يفعل شيئًا عبثًا.
وقيل: وما جعلنا عدد خزنة جهنَّم -وهو قليل عند النَّاس- إلَّا تشديدًا في التعبُّد؛ ليستدلُّوا ويعرفوا أنَّ اللَّه قادر على أن يقوِّي هؤلاء التِّسعة عشر على ما لا يقدر عليه من العذاب غيرُهم، وهم كثير، ولا يستخفُّوا بذكرهم لقلَّة عددهم.
وقيل: {وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً}؛ أي: وقوعًا في الكفر والتَّشديد والتَّكذيب والاستهزاء؛ عقوبةً لهم على اختيارهم الكفر والعناد بعدَ وضوح الحجَّة.
{لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}: أي: ليستيقنوا بنبوَّة محمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم- وصِدْقِه، لموافقة كتبهم في ذكرهم أنَّهم بهذا العدد، وذلك لا يُعلَم إلَّا بوحي.
{وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}: أي: الذين آمنوا بمحمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم- من قريش وسائرِ العرب يصدِّقون به كما صدَّقوا بما قبله، ويَكِلوا حكمةَ ذلك إلى اللَّه تعالى.
(١) في (أ): "وصرف تدبيره" بدل: "وضرب تدبير".
(٢) "بنفسه أي" من (أ).