وقيل: يزدادون يقينًا؛ لموافقة كتابهم كتابَ أولئك. قاله السُّدِّيُّ (١).
{وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ}: أي: ولئلَّا يرتاب؛ أي: لا تبقى لهم ريبةٌ؛ أي: شكّ في صحَّة نبوَّة محمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم- لوضوحِ الدِّلالة عليها.
{وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}: أي: المنافقون {وَالْكَافِرُونَ}؛ أي: المشركون:
{مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا}: أي: وصفًا بأنْ جعلهم بهذا العدد استهزاء منهم.
{كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ}: أي: كما أضلَّ هؤلاء المنافقين والمشركين حتَّى قالوا ما قالوا استهزاءً، فكذا يضلُّ اللَّه مَن يشاء من عباده، وهو الذي علِم منه اختيار الضَّلالة.
{وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}: كما هدى هؤلاء المؤمنين لتصديق هذا ورؤيةِ الحكمة في ذلك، كذلك يهدي مَن يشاء من عباده، وهو الذي علِم منه اختيار الهدى والاهتداء.
ودلَّت الآية على خَلْق الأفعال، وعلى وصف اللَّه بالهداية والإضلال.
وقوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ}: أي: فيهم كثرةٌ لا يحصيها غير اللَّه، فليس قصرُهم على هذا العدد لقلَّة جنوده.
{وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَر}: أي: وما الجنود إلَّا وعظًا وتذكيرًا للخلق ليتأمَّلوا فيتَّقوا، ولا حاجة بي إليهم، وأنا قادر على تعذيبهم بدونهم.
وقيل: وما سقرُ إلَّا تذكيرًا للبشر، أو وما النَّار، فقد ذُكِرَتْ في قوله: {أَصْحَابَ النَّارِ}.
* * *
(١) روى نحوه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٤٣٨) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.