على نفسه حجَّة؛ أي: هو في نفسه حجَّة على نفسه؛ لأنَّ جوارحه تشهد عليه، فصار هو حجَّةً على نفسه.
والبصيرةُ: الحجَّة؛ قال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ} الأنعام: ١٠٤.
قال الأخفشُ: جعله بصيرة، كما يُقال للرَّجل: أنت حجَّة على نفسك (١).
وعلى هذا التَّاويل له معنى آخر: أنَّ الإنسان يعيبُ غيرَه بكفران النِّعمة وفعل المعصية وكذا وكذا، وهو يفعله، فهو حجَّة على نفسه بما يقوله.
وقيل أيضًا: بما فيه من العقل هو (٢) حجَّة على نفسه، لا ينقضي عنها.
{وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ}: أي: ولو أتى بالأعذار وجادل عن نفسه؛ أي: وإن كان يقول ذلك في الدُّنيا فهو يشهد على نفسه، بخلافِ ذلك في العُقبى.
قال سعيد بن جبير: الإنسان على نفسه شاهدٌ ولو اعتذر (٣).
والمعاذيرُ على هذا: جمع مَعذِرة.
وقال الزَّجَّاج: هو جمع مِعذار، وهو السِّتر (٤)؛ أي: يشهد على نفسه يوم القيامة بسيِّئاته، وإن كان أرخى ستوره وأغلق أبوابه في الدُّنيا حين عملَها احتجابًا عن الخلق.
وقال الضَّحَّاك: {وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ}؛ أي: ستوره، وأهل اليمنِ يسمُّون السِّتر: المعذار (٥).
(١) انظر: "معاني القرآن" للأخفش (٢/ ٥٥٧).
(٢) في (ف): "فهو".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٤٩٤).
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٥/ ٢٥٣).
(٥) رواه ابن المنذر كما في "الدر المنثور" (٨/ ٣٤٧)، وذكره الثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ٨٧)، والماوردي في "النكت والعيون" (٦/ ١٥٥).