والنُّطفة: هي ماءٌ قليلٌ منها يكون الولد.
{مِنْ مَنِيٍّ} وهو الماء الدَّافق، {تُمْنَى}؛ أي: تُلقَى في الرَّحم.
{ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً}: أي: دمًا منعقدًا شديدَ الحمرة.
{فَخَلَقَ فَسَوَّى}: أي: فخلق اللَّه منه بشرًا سويًّا مهيّئًا صالحًا للتَّكليف.
{فَجَعَلَ مِنْهُ}: أي: من المنيِّ.
{الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى}: والذي فعَل هذا لم يفعله ليُهمَل ويعطَّل، بل ليَتعبَّدَ ويُكلَّف ويُجزى على الإحسان والإساءة، وذلك يكون في الدَّار الآخرة.
{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}: ومَن قدر على إنشائه ابتداءً من غير شيء قدرَ على جمع العظام بعدما صار رميمًا، فرجع آخرُ السُّورة إلى أوَّلها.
وروى أبو هريرة وجابر رضي اللَّه عنهما: أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا قرأ أحدُكُم {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} فليقلْ: بلى" (١).
وقال قتادة: ذُكِرَ لنا أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول إذا قرأها: "سبحانه وبلى" (٢).
وعن ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: سبحانك اللَّهم وبلى (٣).
(١) رواه أبو داود (٨٨٧)، وإسناده ضعيف لإبهام الراوي عن أبي هريرة. ورواه ابن المنذر وابن مردويه من حديث جابر رضي اللَّه عنه، كما في "الدر المنثور" للسيوطي (٨/ ٣٦٤).
وفي الباب عن موسى بن أبي عائشة، قال: كان رجل يصلي فوق بيته، فكان إذا قرأ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}، قال: سبحانك فبلى. فسألوه عن ذلك، قال: سمعته من رسول اللَّه عنه. أخرجه أبو داود (٨٨٤)، ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" (٦٢٤)، وموسى هذا ثقة إلا أنه لم يرو عن أحد من الصحابة، وروايته إنما هي عن التابعين.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٥٢٨).
(٣) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣٦٥٣)، والطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٣١٠).