وعلى القول الثَّاني: يقع الاسم على آدم وعلى أولاده أيضًا.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: معناه: ما أتى على الإنسان حين من الدَّهر لم يكن شيئًا مذكورًا، بل كان (١) مذكورًا لي، كأنَّه يقول: هل غفلْتُ ساعة من حفظِك؟ هل خلَّيتُكَ قَطُّ ونفسَك؟ هل أخليْتُكَ لحظةً من رعاية جديدة، وحماية مزيدة (٢)؟
* * *
(٢) - {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}.
وقوله تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ}: هذا على ولد آدم.
وقيل: الأوَّل هو على ولد آدم أيضًا، وهما واحد، ومعناه: قد أتى على ولد آدم حين من الدَّهر من حين يقع ماء الرَّجل في رحم المرأة؛ أي: إلى أن يُنفَخ فيه الرُّوح، وإلى أن يُولَد لم يكن مذكورًا للنَّاس.
{إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ}؛ أي: هذا الإنسان {مِنْ نُطْفَةٍ} تخرج من بين الصُّلب والتَّرائب.
{أَمْشَاجٍ}: نعت النُّطفة. وهي جمع مَشِيْجٍ، ومعناه: الأخلاط، والمَشَجُ بالفتح: الخَلْط، وهو مصدر، وبالكسر (٣): الخِلْط، وهو اسم.
ومعنى وصفها بالأخلاط: أنَّها مجموعُ طبائعَ أربعٍ، وهي: الحرارة والبرودة واليبوسة والرُّطوبة.
(١) "شيئًا مذكورًا بل كان" ليس في (أ) و (ف).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٣/ ٦٦٠).
(٣) أي: بكسر الميم وسكون الشين، ويجوز بفتح الميم وكسر الشين، مثل كتف بلغتيه، قاله في "القاموس" (مادة: مشج).