أنَّهم يُسقَون من كأس {كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا}؛ أي: مزاج ما فيها من الشَّراب كافورٌ.
قيل: أي: له رائحة تُستلذُّ وتستطاب رائحته، ويُشمُّ منه ريحُ الكافور من غير أن يكون فيه كافور؛ يعني: أنَّ له طعمًا ككافور الدُّنيا.
وقيل: بل يمزج بالكافور نفسه، وكافورُ الجنَّة لا يغيِّر الشَّراب، كما أنَّ خمر الجنَّة لا يُسْكِر.
و (كان) زائدة في قوله تعالى: {كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا}.
وقيل: أي: كان في علم اللَّه أنَّ مزاجه لأهل الجنَّة يكون كافورًا.
* * *
(٦) - {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا}.
{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}: أي: هذا الشَّراب من عينٍ في الجنَّة يشربُ بها عبادُ اللَّه.
قيل: أي: يشربها، والباء زائدة، كقولهم: تكلَّم كلامًا حسنًا، وبكلامٍ حسنٍ.
وأنشد الفرَّاء وغيره لعنترة:
شربْتُ بماء الدُّحْرُضَيْنِ فأصبَحَتْ... زوراءَ تَنْفِرُ عَنْ حِياضِ الدَّيْلَمِ (١)
وقيل: {يَشْرَبُ بِهَا}؛ أي: يُروَى بها.
(١) وهو من معلقته. انظر: "ديوان عنترة" (ص: ٢٠١). الدحرضان: ماءان يقال لأحدهما دحرض، وللآخر وسيع، فلما جمعهما غلب أحد الاسمين. والزَّوَر: الميل، والفعل: زَوِرَ يَزْوَرُّ، والنعت: أزور، والأنثى: زوراء. مياه الديلم: مياه معروفة، وقيل: العرب تسمي الأعداء ديلمًا؛ لأن الديلم صنف من أعدائها. يقول: شربت هذه الناقة من مياه هذا الموضع، فأصبحت مائلة نافرة عن مياه الأعداء. انظر: "شرح القصائد السبع" لابن الأنباري (ص: ٣٢٤)، و"شرح المعلقات السبع" للزوزني (ص: ٢٥٣).