ما اشتدَّ منه، ثمَّ قوله: {يَسُومُونَكُمْ} هذا بيانُ ما نجَّاهم منه.
وقوله تعالى: {يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ}: يجوز أن يكون تفسيرًا لقوله تعالى: {يَسُومُونَكُمْ}؛ إذ لا عاطفَ بينهما، ويجوز أن يكون أمرًا آخر سواه، فقد قال في آيةٍ أخرى: {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ} بالواو، وذلك دليلُ المغايرة، وحذفُ الواو هاهنا كحذفِها من قولك: أكرمتُكَ وهبتُ لك ولَّيتُك.
والذَّبحُ: قطعُ الحُلقوم والأوداج، وأصلُه الشَّقُّ، يقال: ذبحتُ المسكَ؛ أي: فتقت عنه والتشديد للتكثير، كما يقال: فتحتُ الباب، وفتَّحتُ الأبوابَ.
والأبناءُ جمع الابن، وأصل الابن: البَنَيُ؛ بالياء. وقيل: بالواو، وأصله: بَنَوٌ (١)، فإنَّه يُقال في المصدر: البنوَّة، لكن هذا لا يدلُّ على ذلك، كالفتوَّة، هي بالواو، والفتى يائيٌّ، ولذلك يجمع: فتيةً وفتيانًا. والأظهرُ أنَّه من الياء؛ لأنَّه قيل: معناه أنَّه يُبنَى على ما بُنيَ أبوه.
والمرادُ من الأبناء هم الذُّكور خاصَّةً، وإن كان الاسمُ في غير هذا الموضع قد يقعُ على الذُّكور والإناث، كالبنين، قال اللَّه تعالى: {يَابَنِي آدَمَ} الأعراف: ٢٦، {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ} البقرة: ٤٠، لكن هاهنا المرادُ هم الذُّكور؛ فإنَّهم (٢) كانوا يذبحون الغلمان لا غير، وكذا أريدَ به الصغارُ دون الكبار؛ لأنهم كانوا يذبحون الصغار.
وقوله تعالى: {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ}: أي: يستَبْقون بناتكم ويتركونهنَّ حيَّاتٍ، فالاستحياءُ استفعالٌ من الحياة، والاستحياء: الاسترقاقُ أيضًا، وكانوا يسترِقُّونهنَّ، وهو من إبقاءِ الحياة أيضًا فيهنَّ.
(١) "وأصله بنو": من (أ).
(٢) في (ر): "لأنهم".