وقيل: أي: يفتِّشون في حياء النِّساء، ينظرون هل بهنَّ حَمْلٌ، والحياءُ: الفَرْجُ، وسُمِّيَ به لأنَّه يُستَحيى (١) مِن كشفِه.
والنِّساءُ جمع المرأة، ولا واحدَ لها مِن لفظها، وهي في الأصل اسمٌ للبالغات دون الصَّغائر.
وإنَّما ذَكَر (٢) النساءَ هاهنا، وإن كانوا يفعلون هذا بالصَّغائر لوجوهٍ:
أحدُها: أنَّه سمَّاهنَّ باسم المآل؛ لأنَّهم (٣) إذا استَبْقَوهنَّ صرنَ نساءً بعد البلوغ، وهذا كقوله تعالى: {وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} نوح: ٢٧، وقوله: {أَعْصِرُ خَمْرًا} يوسف: ٣٦، وقوله: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} الزمر: ٣٠.
ولأنّهم كانوا يَستَبْقُون البنات مع أمهاتهنَّ، والاسم يقعُ على الكبيرات والصَّغيرات عند الاختلاط، كما يقال: أقبل الرِّجالُ، إذا أقبلَ البالغون ومعهم الصِّغار، و: أقبل النساءُ، إذا (٤) أقبل البالغات ومعهن الصغائر. ومَن فسَّره بتفتيش (٥) فروجِ البالغات، فلا حاجةَ له إلى هذا التأويل.
فإن قالوا: إن كان ذبحُ البنين مِن سوء العذاب، فاستبقاءُ البناتِ لمَ جُعل مِن سوء العذاب، وإنَّه (٦) سلامةٌ ونعمةٌ؟
قلنا: لأنَّهم كانوا يستَبْقوهنَّ للاسترقاق والاستسخار وتحميل المشاقِّ الكبار، ولأنَّ بقاءَ البناتِ ممَّا يَشُقُّ على الآباء، ولاسيما بعد ذبح البنين.
(١) من قوله: "ينظرون هل بهن حمل" إلى هنا من (أ).
(٢) في (ر): "ذكرت".
(٣) في (ر) و (ف): "لأنهن".
(٤) في (ف): "أي".
(٥) في (ر): "بتفتيشهم".
(٦) في (ر): "فإنه".