{أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى}؛ أي: بأنْ جاءَه (١) الضَّرير.
{وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى}: ثم خاطبَه فقال: {وَمَا يُدْرِيكَ} يا محمَّد {لَعَلَّهُ}؛ أي: لعلَّ الأعمى {يَزَّكَّى} أصلُه: يتزكَّى، أدغمَت التَّاء في الزَّاي، كما في المزَّمِّل.
و {يَزَّكَّى} معناه: يزداد طهارة بما يتعلَّم منك، ويزول عنه دنس الجهل.
{أَوْ يَذَّكَّرُ}: أي: يتَّعظ، وأصله: يتذكر، أُدغمَت التَّاء في الذَّال.
{فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى}: قرأ عاصم: {فَتَنْفَعَهُ} نصبًا على جواب (لعلَّ)، والباقون رفعًا عطفًا على {يَذَّكَّرُ} (٢).
وذكر (لعلَّ) ليس للتَّشكيك، بل للتَّرقيق، كما في قوله: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} البقرة: ١٨٩، {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} آل عمران: ١٣٢.
قوله تعالى: {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى}: أي: مَن كان غنيًّا بالمال، وجيهًا في الحال.
{فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى}: أي: تتعرَّض، من الصَّدد، وهو القرب، ومنه يُقال: داري صَدَدُ دارِه؛ أي: قُبَالتها، وأصله: يتصدَّد، فقُلِبَتِ إحدى الدَّالات ياء، كما في التَّمطي والتَّقصي.
{وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى}: يعني: لا يتزكَّى؛ أي: ليس عليك شيءٌ بألَّا يتطهَّر بالإيمان، ويبقى على نجاسة الكفر.
* * *
(٨ - ١٦) - {وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (٨) وَهُوَ يَخْشَى (٩) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (١٠) كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ}.
(١) في (ف): "أتاه" بدل: "بأن جاءه".
(٢) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٦٧٢)، و"التيسير" للداني (ص: ٢٢٠).