{وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ}: أي: وما عابَ وما كره الكافرون من المؤمنين إلَّا إيمانُهم باللَّهِ.
وذكْرُ المستقبلِ مع وجود الإيمان منهم في الماضي؛ لإرادةِ معنى الدَّوام عليه، فإنَّهم ما عذَّبوهم لإيمانهم الماضي، بل لدوامهم عليه.
{الْعَزِيزِ}: صفة لـ {للَّه} تعالى، وهو المنيعُ الذي لا يُغْلَب، {الْحَمِيدِ} بحمدِ المؤمنين (١)، وفي (٢) عقول جميع المكلَّفين، والمستحِقُّ للحمد على الحقيقة.
{الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: وأشار بهذا كلِّه إلى أنَّه لو شاءَ لمنعَهم عن ذلك، لكن لم يمنع محنةً لأوليائه.
{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}: لا يخفى عليه شيءٌ، فهو يجازي كلًّا على وفقِ عملِه.
* * *
(١٠ - ١١) - {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (١٠) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ}.
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ}: أي: أحرقوهم، كما قال: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} الذاريات: ١٣.
{ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا}: ماتوا مصرِّين على ذلك، وفيه بيانُ سَعة رحمة اللَّه، أنَّهم لو تابوا لعفا عنهم.
{فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ}: قال الزَّجَّاج: لهم عذابٌ في جهنَّم لكفرهم، وعذاب بإحراقهم المؤمنين في الأخدود (٣).
(١) في (ر): "يحمده المؤمنون".
(٢) في (ف): "الثابت في".
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٥/ ٣٠٨).