وقال الرَّبيع: {فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ} في الآخرة {وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} بنار الأخدود في الدُّنيا. فقد روينا عنه أنَّ تلك النَّار عادت عليهم فأحرقَتْهم (١).
وقيل: {الْحَرِيقِ} من أسماء النَّار أيضًا كالسَّعير، فجُعِلَ لهم في الآخرة عذابُ جهنَّم وعذابُ الحريق، فيجوز أن يكونا دركتَيْن فيها، أو مكانَيْن فيها.
أو يقال: {عَذَابُ جَهَنَّمَ}: عذابٌ بزمهريرها، و {عَذَابُ الْحَرِيقِ}: عذابٌ بحرِّها، فيردَّدون بين حرٍّ وبين برد.
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ}: وهذا في المؤمنين الذين صبروا على ذلك العذاب.
* * *
(١٢ - ١٣) - {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ}.
{إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ}: أي: أَخْذَه وانتقامه.
{إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ}: قال الحسن والضَّحَّاك وابن زيد: أي: يَبدأُ الخلقَ، ويعيْدُه بالبعث بعد الموت (٢). وهو معنى المبدئ والمعيد في أسماء اللَّه تعالى.
وقيل: إنَّه هو المبدِئ للعذاب في الدُّنيا، المعيدُ له في العُقْبى (٣). كذا روى العوفيُّ عن ابن عبَّاس: يبدِئُ العذابِ ويعيدُه (٤).
وقال محمد بن كعب: {يُبْدِئُ} من التُّراب {وَيُعِيدُ} إلى التُّراب.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٢٧٦). وقد تقدم قريبًا.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٢٨٢) عن الضحاك وابن زيد.
(٣) في (ف): "الآخرة".
(٤) في (ر): "مبدئ العذاب ومعيده". رواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٢٨٣).