فأقبلَ السَّامريُّ إلى النار وقال: يا نبيَّ اللَّه، أُلقي ما في يدي؟ قال: نعم. وهو يظن أنَّها (١) حليٌ، فقذفَه فيها، وقال: كن عجلًا جسدًا له خوارٌ، فصار كذلك.
وقيل: كان السَّامريُّ صائغًا، فاتَّخذ من الذَّهب (٢) عجلًا، ونفخ ذلك التُّرابَ في فمه (٣) ودُبُره، فصار عجلًا جسدًا، لحمًا ودمًا وشعرًا، له خُوارٌ، فافتتنوا به، ودَعاهُم إلى عبادتِه، فعبدوه، وقال لهم هارون ما قال. القصَّة.
* * *
(٥٢) - {ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
وقوله تعالى: {ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ}: أي: تجاوزنا، وأصلُه محوُ الأثر، وقد عَفَت الدِّيارُ؛ أي: محت آثارُها، وعفَتْها الرِّيحُ، لازمٌ ومتعدٍّ.
وقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ}: أي: من بعد اتِّخاذكُم العجلَ، فلم نعاجِلْكُم بالإهلاك، بل أمهلناكُم إلى مجيء موسى، فنبَّهكم وأخبرَكُم بكفارةِ ذنوبكم.
وقيل: أي: بعد التَّوبة والقتل.
فعلى هذا يكون العفوُ على التأويل الأوَّلى تأخيرَ المؤاخذةِ، وعلى التَّأويل الثاني يكون تركَ المؤاخذة أصلًا.
وقوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}: أي: لِتشكروا هذه النِّعمةَ؛ فإنَّ الإنعامَ يوجِبُ الشُّكرَ.
(١) في (أ): "أنه".
(٢) في (ر): "الحلي".
(٣) في (أ): "فيه".