وقال قتادة: تزكَّى رجلٌ من ماله، وتزكَّى رجلٌ من خلقه (١).
وقال ابن جريج: {تَزَكَّى}: من ماله وعمله.
* * *
(١٦ - ١٩) - {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٧) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى}.
وقوله تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}: قرأ أبو عمرو بياء المغايبة، ردًّا إلى قوله: {وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى}، وهو جنس فيصلح للجمع. وقرأ الباقون بتاء المخاطبة، خطابًا للمشركين (٢).
و {بَلْ} لردِّ ما قبله؛ أي: لا تطلبون الفلاح في الآخرة، بل تختارون الدُّنيا على الآخرة.
{وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ}: أي: أنفع {وَأَبْقَى}؛ أي: أَدْوَمُ.
{إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى}: جمع صحيفة.
{صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى}: بدلٌ عن {الصُّحُفِ الْأُولَى}؛ أي: ما ذكرنا من التَّرغيب
= قال الثعلبي: ولا أدري ما وجه هذا التأويل؛ لأن هذه السورة مكيّة بالإجماع ولم يكن بمكة عيد، ولا زكاة فطر. قلت: وهذا القول خلاف ما روي عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، فقد روى ابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٠/ ٣٤١٨) عن عن عطاء رضي اللَّه عنه قال: قلت لابن عباس رضي اللَّه عنهما: أرأيت قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} للفطر؟ قال: لم أسمع بذلك، ولكن الزكاة كلها، ثم عاودته فيها فقال لي: والصدقات كلها.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٣٢٠)، وعبد بن حميد كما في "الدر المنثور" (٨/ ٤٨٦)، ولفظ الطبري: (تزكى رجل من ماله، وأرضى خالقه).
(٢) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٦٨٠)، و"التيسير" للداني (ص: ٢٢١).