والتَّرهيب في هذه السورة فقد ذكرنا ذلك في صحف الأنبياء المتقدِّمين، وهو كقوله: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} الآية الشورى: ١٣.
وقيل: هذا المذكور مذكور في تلك الصُّحف، وهو دليل صحَّة قول أبي حنيفة رحمه اللَّه: أنَّ قراءة القرآن بالفارسيَّة في الصَّلاة صحيحة، وهو قرآن بأيِّ لسان قرئ (١)؛ لأنَّه جعل هذا المذكور مذكورًا في تلك الصُّحف، وكذا قال: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} الشعراء: ١٩٦، ولا شكَّ أنَّه لم يكن فيها بهذا النَّظم وبهذه اللُّغة، وكان قرآنًا (٢).
وقيل: صحف موسى: هي الألواح التي كتب فيها التَّوراة.
وقيل: هي صحفٌ أُنزلَتْ عليه قبل ذلك.
وصحف إبراهيم: كتابٌ أنزل على إبراهيم.
وقيل: كان في صحف إبراهيم: ينبغي للعاقل ما لم يكن مغلوبًا على عقلِه أن يكون حافظًا للسانه، عارفًا بزمانه، مقبلًا على شانه.
وعن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "أُنْزِلَتْ صُحُفُ إبراهيمَ في أوَّلِ ليلةٍ من شهر رمضان، وأُنْزِلَتِ التَّوراةُ لِسِتٍّ من شهر رمضان، وأُنْزِلَ الزَّبورُ في ثنتي عشرة من شهر
(١) من قرأ القرآن بالفارسية عند أبي حنيفة تجوز صلاته سواء كان يحسن العربية أو لا يحسن، وقال أبو يوسف ومحمد: إن كان يحسن العربية لا يجوز، وإن كان لا يحسن يجوز، وعند الشافعي لا يجوز في الحالين جميعًا.
وروى أبو بكر الرازي وغيره رجوع أبي حنيفة رحمه اللَّه إلى قول أبي يوسف ومحمد، وعليه الاعتماد، ولتنزيله منزلة الإجماع، فإن القرآن اسم للنظم والمعنى جميعًا بالإجماع. انظر: "تحفة الفقهاء" للسمرقندي (١/ ١٣٠)، و"البناية شرح الهداية" (٢/ ١٧٩).
(٢) "وكان قرآنًا": زيادة من (أ) و (ف).