و {فَكُّ رَقَبَةٍ}: إخراج المال في فكِّ الرِّقاب بإعطاء المكاتَب ما يؤدِّي به مكاتبَتَه.
وقال البراء بن عازب رضي اللَّه عنه: جاء أعرابيٌّ إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه، دلَّني على عمل يدخلني الجنَّة؟ فقال: "أعتقِ النَّسمَةَ، وفكَّ الرَّقبة"، فقال: يا رسول اللَّه، أليسَتا شيئًا واحدًا؟ قال: "لا، عتق النَّسمة أن تنفردَ بعتقِها، وفكُّ الرَّقبة أن تُعِين في بذلها" (١).
يقول: لم ينفق هذا الكافر مالَه فيما أُمِرَ به من وجوه الخير.
{أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}: أي: مجاعة، وقد سَغِبَ يَسغَبُ سَغَبًا، فهو ساغب وسَغْبانُ، من حدِّ (علم)، والمسغَبة (٢) للمصدر أيضًا.
{يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ}: أي: قرابةٍ، فتجتمع قُرْبتان.
{أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ}: أي: فقرٍ شديد، وهي من التُّراب؛ أي: الذي لصِقَ بالتُّراب؛ لقربِه وعدمِ ما يبسطه على الأرض شيئًا (٣).
* * *
(١٧ - ٢٠) - {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (١٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ}.
{ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا}: أي: مع هذا يكون مؤمنًا، فإنَّه لو كان كافرًا، لم يكن لصدقته قَبول ونفع.
(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١٨٦٤٧)، والبخاري في "الأدب المفرد" (٦٩)، وابن حبان في "صحيحه" (٣٧٤). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٤/ ٢٤٠): "رواه أحمد، ورجاله ثقات".
(٢) في (أ) و (ف): "والمفعلة".
(٣) "شيئًا" من (أ).