وقد رُوِيَ عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال حين وجبت الشَّمس: "هذا حِيْن جَلاها" (١).
وقال الكلبيُّ: {جَلَّاهَا}؛ أي: جلَّى الظُّلمة (٢).
وقال القتبيُّ: جلَّى الأرض أو الدُّنيا (٣). وهو كناية عن مكنيٍّ معلومٍ غير مذكورٍ، كما في قوله: {مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا} فاطر: ٤٥.
{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا}: أي: يغطِّي الشَّمس بغروبها.
وقال مقاتل: أي: يغشَى الأرض بظلمته (٤).
{وَالسَّمَاءِ}: أقسم اللَّه بالسَّماء {وَمَا بَنَاهَا}؛ أي: ومَن بناها، وهذا قسم بنفسه جلَّ جلالُه.
وقيل: (ما) مع الفعل مصدر؛ أي: وبنائها.
وقيل: {وَمَا بَنَاهَا}؛ أي: والذي أبقاها مبنيَّة، وهو القدرة.
{وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا}: أي: بسطها، وهو على الأوجه الثلاثة التي قبلها في قوله: {وَمَا بَنَاهَا}، والطحوُ: كالدَّحْوُ.
{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا}: وهي نفسُ الإنسان ومَن سوَّاها؛ أي: هيَّأها بهذه البنيةِ الصَّالحة للتَّكليف {وَمَا} على هذه الوجوه الثَّلاثة أيضًا.
{فَأَلْهَمَهَا}: أي: عرَّفها وبيَّنَ لها {فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}: فسادَها وصلاحَها، وهو كقوله: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} البلد: ١٠، وكقوله: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} الآية الإنسان: ٣.
(١) لم أجده.
(٢) ذكره السمرقندي في "تفسيره" (٣/ ٥٨٥)، والواحدي في "البسيط" (٢٤/ ٥٢).
(٣) انظر: "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة (ص: ١٤٣).
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" (٤/ ٧١).