والإلهام مطلقًا: هو إلقاء الشَّيء في القلب من غير فكرٍ، والمراد هاهنا: الإلقاء في القلب بعد السَّماع والتَّفكُّر.
* * *
(٩ - ١٠) - {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}.
قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا}: قال قتادة رحمة اللَّه: وقع القسم على هذا (١).
وقال النَّحويُّون: تقديره: لقد أفلح؛ لأنَّ جواب القسم باللَّام، وحُذِف لطول الكلام.
وقال الزَّجَّاج: صار طول الكلام عوضًا عن اللَّام (٢).
وقيل: {قَدْ أَفْلَحَ} مُقدَّم في المعنى، وقوله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} إلى آخر ما أقسَمَ به مُؤخَّر عنه، فاستغنى عن اللَّام.
وقال الفرَّاء: الجواب محذوف، كأنَّه قال: والشَّمس وكذا وكذا لتحاسَبُنَّ ولتعرَضُنَّ على اللَّه الكريم (٣).
ثم معنى قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا}؛ أي: نجا من كلِّ مرهوب ووصل إلى كلِّ محبوب مَن زكَّى النَّفس؛ أي: طهَّرها وأنماها، ورفعها (٤) في الطَّاعة.
{وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}: أي: يئسَ من ذلك كلِّه مَن أهمل النَّفس في المعاصي وأخملَها (٥)، ودسَّى أصله: دسَّس، وهو مبالغة في دسَّ؛ أي: أخفى، قال تعالى: {أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} النحل: ٥٩.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٤٤٤).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٥/ ٣٣١).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للنحاس (٦/ ٧٦).
(٤) في (ر): "فيرفعها".
(٥) في (ر): "بجهلها"، وسقطت من (ف).