وقوله تعالى: ({وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى}): أي: واذكروا أيضًا إذ قلتم: يا موسى؛ أي: إذ قال السَّبعون مِن أسلافِكم الذين اختارَهُم موسى حين ذهبوا معه إلى الطُّور.
وقوله تعالى: ({لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ}): أي: لن نُصَدِّقَك، كما في قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} يوسف: ١٧؛ أي: لن نُصَدِّقَك على أنَّ هذا كتابُ اللَّه جلَّ جلالُه، وأنَّك سمعتَ كلامَ اللَّه، وأنَّ اللَّهَ أمرَنا بقَبولِه والعملِ به. وقيل: أي: برسالتِك.
وقوله تعالى: {حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً}: أي: حتَّى نرى اللَّه عِيانًا، وهو قولُ قَتادةَ.
وقال ابنُ عباسٍ رضي اللَّه عنهما: علانِيَةً (١).
وبينهما فرقٌ؛ العِيان صفةُ الرَّائي، والعلانيةُ صفةُ المرئيِّ.
وعن ابن عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما في روايةٍ: إنَّ معناه: وإذ قلتُم جهرةً، على التَّقديمِ والتَّأخير، والجَهرةُ تَرْجِعُ إلى القولِ، وهو كالجَهْرِ بالقراءةِ، وهو إظهارُها، والمجاهرةُ بالمعاصي كذلك.
والأوَّل يرجعُ إلى سؤالِ الرُّؤية بلا حجابٍ ظاهرًا، لا في النَّومِ ونحوه.
يُقال: جَهَرْتُ الشيء، إذا (٢) كشفتَهُ وأظهرتَهُ، وجهرْتُ (٣) البئر، إذا كان ماؤها قد تَغطَّى بالطِّينِ فنَقَّيتَهُ حتَّى ظَهرَ ماؤُها وصَفا، وصوتٌ جهيرٌ، ورجلٌ جهوريُّ الصَّوت (٤)، إذا كان صوتُه عاليًا ظاهرًا، ووجهٌ جهيرٌ؛ أي: ظاهرُ
(١) قولا قتادة وابن عباس رضي اللَّه عنهما رواهما الطبري في "تفسيره" (١/ ٦٨٨).
(٢) في (أ): "أي"، وليست في (ف).
(٣) في (ف) و (ر): "وأجهرت". يقال: جهرت البئر واجتهرتها. انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (٦/ ٤٨)، و"الصحاح" للجوهري: (جهر).
(٤) في هامش (ف): "رجل جوهري الصوت نسخة".