وقيل: لم يكونوا منتهينَ عن كفرهم؛ أي: كان لا يُطمع في إيمانهم بدون رسولٍ يأتيهم، فأتاهم رسول اللَّه، فمَن وفَّقه اللَّه تعالى للإيمان آمَن، ومَن خذله لم يؤمن ولزمتْه الحجة.
وقيل: لم يكونوا منفكِّين؛ أي: خارجين من الدنيا حتى تبيَّن لهم الحق.
* * *
(٢ - ٣) - {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (٢) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}.
وقوله تعالى: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ}: ترجمةٌ عن البينة، وهو نكرة استُؤنفت على النعت، كقوله تعالى: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} البروج: ١٥ - ١٦، وتقديره: هو رسولٌ من اللَّه.
{يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً}: هي التي عند اللَّه في أم الكتاب الذي نُسخ منه ما أُنزل على الأنبياء من الكتب، وقد قال: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ} عبس: ١٣ - ١٦، ومعنى المطهرة ما مر في تلك السورة.
{فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}: أي: مستقيمة، وهي كتب الأنبياء، والقرآنُ مصدِّقٌ لها كلِّها فكأنها فيه، ولأن كلَّ نوع من البيان فيه كأنه كتابٌ، وكأن كلَّه كتب.
وقيل: {كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}؛ أي: أحكام عادلة؛ قال اللَّه تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ} المجادلة: ٢١؛ أي: حكَم.
* * *
(٤ - ٥) - {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (٤) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}.
قوله تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ}: للحسد والبغي، لا لقصورِ البيان والوحي.