وعن عكرمة: أنه مجاز عن المكر بأهلها (١)، يقول الرجل إذا أراد أن يمكر بصاحبه: أمَا واللَّهِ لأقدحنَّ ثم لأُوْرِيَنَّ.
ويقال: قدح فأورَى؛ أي: عمِل فأَدرك.
وقيل: هذا المكر يكون بإيقادهم نيرانًا كثيرة ليظنَّ العدو أنهم كثيرٌ، وإضافة هذا إلى الخيل كوَصْفهم الخيلَ بطلب الأدبار (٢)، يعنون بذلك أصحابها.
وقيل: {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا} مجازٌ عن قوله: فالمدركات نُجحًا، وهو من قولهم: ورَتْ بك زنادي؛ أي: أدركتُ بك حاجتي.
وقال مجاهد: {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا} هي أفكار الرجال (٣).
وقال عكرمة: هي الألسنة (٤).
* * *
(٣ - ٥) - {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (٤) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا}.
{فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا}: هي الخيل أيضًا تُغِير على عدوِّها صباحًا.
{فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا}: أي: هيَّجن بالمَغار (٥) -أي: موضعِ الغارة- غبارًا، قاله أبو علي الفسويُّ، وقد صار ذلك مذكورًا بذكر المُغيرات.
وقال الكسائي: فأثرن بالعَدْوِ، وقد (٦) صار مذكورًا بذكر العاديات.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٥٧٧) عن ابن عباس ومجاهد بلفظ: مكر الرجال.
(٢) في (ف): "كوصفهم الخيل بطلب الآثار" وفي (ر): "لوصفهم الخيل يطلب الأدبار".
(٣) ذكره الواحدي في "البسيط" (٢٤/ ٢٤٢) بلفظ: (هي أفكار الرجال توري نار المكر والخديعة). وقد تقدم نحو هذا عن مجاهد.
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٥٧٧).
(٥) في (ف): "هجن بالمغار"، وفي (ر): "هيجن بالغبار".
(٦) "قد" زيادة من (ف).