إذا جاؤوا المزدلفة أوقدوا بها النيران فأُضيف إيراءُ النار إليها والمراد بها أصحابها {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا}؛ أي: المسرعات صباحًا من المزدلفة إلى منًى، وكانوا يقولون أشرِقْ ثَبِير كيما نُغِير؛ أي: نسرع في الدفع {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا}؛ أي: غبارًا بأخفافها في ذلك الموضع {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا} هو اسم منى (١).
وقال علي رضى اللَّه عنه: هي الإبل؛ أيضًا لكنْ في الغزو لا في الحج، قال (٢): وهذا في غزوة بدر (٣)، ولم يكن يومئذ فرسٌ إلا واحدٌ للمقداد وللناس الإبلُ.
* * *
(٦ - ٨) - {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}.
وقوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ}: قيل: هو للجنس، والكَنُود: الكَفُور، والأرض الكنود: التي لا تُنبت شيئًا، وأصله: منعُ الحق والخير؛ أي: طُبع عليه.
{وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ}: أي: على نفسه شاهدٌ أنه كذلك مُبِين من نفسه ذلك.
وقيل: أي: وإن اللَّه شاهد على ذلك من صفة الإنسان.
وقيل: أي: عالم بذلك منه.
{وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ}: أي: لحب المال {لَشَدِيدٌ}؛ أي: لبخيل، والمتشدِّد (٤): البخيل أيضًا؛ قال طرفة:
(١) رواه عنهما مختصرًا الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٥٧٣ - ٥٧٤)، وعن علي رواه أيضًا الحاكم في "المستدرك" (٢٥٠٧).
(٢) "قال": ليست في (أ).
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" (١٠/ ٦٠٠).
(٤) في (ر): "والشديد"، وكلاهما صواب، يقال للبخيل: شديد ومتشدِّد. انظر: "تفسير القرطبي" (٢٢/ ٤٤٠).