وقال ابنُ جريجٍ: كان الرجلُ منهم إن (١) أخذَ من المنِّ والسَّلوى زيادةً على طعام يومٍ (٢) واحدٍ فسدَ، إلَّا يوم الجمعة، فإنَّهم كانوا يأخذون فيه طعامَ يومين؛ لأنَّه كان لا ينزلُ يومَ السبت (٣).
وقوله تعالى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}: فيه مضمرٌ؛ أي: قلنا لهم: كلوا، والطَّيِّباتُ هاهنا تَحتملُ ثلاثةَ أوجهٍ: الحلالات، والشَّهِيات، والخاليات عن الأدواءِ والمضرَّاتِ.
وقصَّتُه أنَّهم لمَّا خَرجوا مِن مصرَ، وجاوزوا البحرَ، وقعوا في صحراءَ لا أبنيةَ فيها، فأنزلَ اللَّهُ تعالى السَّحابَ، فسَترَهُم عن الشَّمسِ بالنَّهار، وكان يضيءُ لهم بالليل.
وقيل: كان السَّحابُ يتدلَّى عليهم كالقبابِ والفساطيطِ والأبنية.
وقيل: كان يَمشي أمامَهم عمودٌ مِن نورٍ، يُضيءُ (٤) بالليل، فأنزلَ (٥) اللَّه عليهم المنَّ والسَّلوى؛ المنُّ كالخبزِ، والسَّلوى كاللَّحم.
وقال الكلبيُّ: كان المنُّ يَنزِلُ عليهم مدَّةً، فقالوا: يا موسى، قَتَلنا هذا المنُّ بحلاوته، فدعا، فأنزلَ اللَّه تعالى عليهم السَّلوى، فخَلطُوا.
وهذا كان قبلَ التِّيهِ عند أكثرِهم، وكذا هذا في ترجمة التَّوراة. قاله (٦) القفَّال.
(١) في (ف) و (أ): "إذا".
(٢) "يومٍ": ليس في (أ).
(٣) بعدها في (ر): "شيءٌ". وقول ابن جريج رواه الطبري في "تفسيره" (١/ ٧١٠).
(٤) بعدها في (ر): "لهم".
(٥) في (أ) و (ر): "وأنزل".
(٦) في (ر): "قال" وفي (ف): "وقال".