وقال الضَّحَّاك والسُّدِّيُّ: كان ذراعًا في ذراعٍ.
وقال الكلبيُّ: كان مدوَّرًا مثل رأسِ الإنسان، عليه اثنا عشر ثديًا، مثلَ ثدي المرأة، وكان موسى عليه السلام رفعَهُ مِن الطُّور.
وقال سعيدُ بنُ جُبير: هو الحجرُ الذي ذهبَ بثيابِ موسى لمَّا قال قومُه: إنَّه آدرُ (١)، فأمرَ اللَّهُ تعالى موسى أن يحملَه (٢).
وقيل (٣): لم يكن حجرًا معيَّنًا، وكان (٤) يضربُ أيَّ حجر وجد.
والصَّحيحُ أنَّه كان معيَّنًا؛ فقد عرَّفهُ بالألف واللام.
وقوله تعالى: ({فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}): قال القفَّال: أي: مِن الضَّرب، فدلَّ ذلك على الضَّرب، وبه انفجرَت العيون.
وقيل: هاهنا مضمرٌ؛ أي: فضَربَ، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا، والإضمارُ جائزٌ كما قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ} البقرة: ١٨٤؛ أي: فأفطر فعدَّةٌ من أيَّامٍ أخر.
وقوله تعالى: {مِنْهُ} على هذا يكونُ كنايةً عن الحجر؛ أي: من الحجر، وحُذِف لعلمِنا أنَّ موسى صلوات اللَّه عليه لا يخالِفُ الأمرَ، ولأنَّ الظَّاهرَ يدلُّ
(١) الأدرة: انتفاخ الخصية، فيقال: رجل آدر. انظر "المصباح المنير" للفيومي: (أدر).
(٢) انظر قول سعيد بن جبير في "تفسير الثعلبي" (١/ ٢٠٣).
(٣) في (ف): "وقد قيل".
(٤) في (أ): "فكان".