الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} الآية المائدة: ٢١، فلم يكن لهم الرُّجوعُ إلى مصر فرعون (١)، ويكونُ معنى قولِه: {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا} (٢) أي: أسكنَّاها بني إسرائيل (٣) بعدَ هلاكِ فرعونَ وآلِه، لا أن يكونوا سكنوها، ويكونُ هذا أمرًا بهبوط مصرٍ مِن أمصارِ الأرض المقدَّسة.
وقد قيل: إنَّ موسى صلواتُ اللَّه عليه سألَ اللَّهَ تعالى ذلك، فأُجيب بهذا، فكان (٤) قوله: {اهْبِطُوا مِصْرًا} أمرًا من اللَّه تعالى.
وقيل: لم يَسأل ذلك، بل ردَّهم بقوله تعالى: {أَتَسْتَبْدِلُونَ} (٥)، ثمَّ قال هو بنفسه: {اهْبِطُوا مِصْرًا}.
وقيل: هذا الأمر -وهو قوله: {اهْبِطُوا مِصْرًا} - كان بعد موت موسى وهارون عليهما السلام، وانقضاءِ مدَّةِ التِّيه، والهبوطُ: النزول، فيَحتملُ أنَّ التِّيهَ كان في صعودٍ، والمصرَ في هبوطٍ، ويَحتمل أن يكون الهبوطُ مطلقَ النُّزول.
وقوله تعالى: ({وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ}): الذِّلَّةُ: نقيض العزَّة، والمسكنةُ: الفقر.
وقيل: هذا موصولٌ بقوله: {فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ}؛ أمرَهم بدخول القُرى لطلب الأشياءِ التي سألوها، {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ} أي: تذليلُ الأنفسِ في الأعمال المهينة، كالحِراثة ونقلِ العَذِرَة، وذُلِّ الكسب، والأوَّلُ كان يأتيهم مِن غير كسبٍ، وقد
(١) قوله: "الآية فلم يكن لهم الرجوع إلى مصر فرعون" من (أ).
(٢) بعدها في (أ) "بني إسرائيل".
(٣) في (أ): "ملكناها" بدل من "أسكناها بني إسرائيل".
(٤) في (أ): "وكان".
(٥) بعدها في (أ) "الذي هو أدنى"، وفي (ر): "الذي أدنى بالذي هو خير".