وقال بعضُهم: كان ذلك هفوةً مِنهم وجهالةً، فقد انقَادوا بالطَّاعةِ (١) لذبحها.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: هذا على المجازاة، كأنَّهم (٢) قالوا: أتجازينا بهذا لما مضى (٣) منَّا مِن عصيانِك وخلافِكَ؟ إذ لم يعلموا أنَّه مِن عند اللَّه بأمر ربه (٤)، وهذا على المجازاةِ جائزٌ، كما قلنا في الاستهزاءِ والمُخادعةِ والمكر، وهو كقول نوح عليه السلام {فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ} هود: ٣٨ (٥).
وقوله تعالى: {قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} بيَّن أنَّ الاستهزاءَ عمل لا يَستجِيزُه مثلُهُ مِن أنبياء اللَّه تعالى، وأنَّه مِن عملِ الجهَّال (٦)، فعلموا أنَّه جِدٌّ، وأنَّه مِن عندِ اللَّه، ودلَّ هذا (٧) أنَّ الاستهزاءَ بأمرِ الدِّينِ كبيرةٌ، وأنَّه ضربٌ مِن الجهالة.
* * *
(٦٨) - {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ}.
وقولُه تعالى: {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ} أي: سلْ لأجلنا ربَّك.
وقوله تعالى: {يُبَيِّنْ لَنَا} أي: وقل له يبين (٨) لنا، وهو جزمٌ على جوابِ الأمر.
(١) في (ف) و (ر): "للطاعة".
(٢) لفظ: "كأنهم" ليس في (ف)، وفي (ر): "المجاز أنهم" بدل: "المجازاة كأنهم".
(٣) في (ر) و (ف): "الماضي" بدل: "لما مضى".
(٤) في (أ): "يأمر به" بدل: "بأمر ربه". ونص العبارة في "تأويلات أهل السنة": "يأمر بذلك".
(٥) "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (١/ ٦١ - ٦٢).
(٦) في (ر): "الجاهلين".
(٧) لفظ "هذا" من (أ).
(٨) في (أ): "بين".