وقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ} أي: واذكروا أيضًا إذ قال موسى لقومِه، وهم أسلافُكم مِن بني إسرائيل، دلَّهم بذكرِ هذه القصَّة على جهلِ أوائلهم (١)، وتشديدِهم على أنفسِهم (٢)، واعتراضِهم على نبيِّهم.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} ليَتبيَّنَ بها أمرُ القتيل الذي كان وقعَ فيهم.
وقوله تعالى: {قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا} الألف ظاهرها للاستخبار، وهو هاهنا للاستنكار، و {هُزُوًا}؛ أي: سخريةً، وهو مصدرٌ هاهنا أُريدَ به المفعولُ به، كما يقال: هذا عِلْمُ اللَّه؛ أي: معلومُه، و: اللَّهُ رجاؤنا؛ أي: مرجوُّنا.
ظنُّوا أنَّ موسى يَستهزِئ بهم ويُداعبُهم، قالوا: نُخبِرُكَ (٣) أنَّ رجلًا منَّا قُتِلَ، فتقولُ لنا: اذبحوا بقرةً! فيَحتملُ أنَّ موسى عليه السَّلامُ أمرَهُم بذبحِها، ولم يبيِّن المرادَ والثمرة بها، فلذلك وقعَ هذا القولُ منهم موقعَ الهُزْءِ.
ويَحتملُ أن يكون قال لهم: اذبحوا بقرةً (٤)، فإنَّ أمرَ القتيل يَتبيَّنُ لكم بأنْ تَضرِبوه ببعضها، فقالوا: أتتَّخذُنا هزوًا؛ تعجَّبوا أن يَتبيَّن لهم أمرُ القتيل بذلك (٥).
وقال بعضُ (٦) العلماء: كفروا بهذا القولِ؛ إذ شكُّوا في خبر نبيِّهم، أو شكُّوا في قدرة ربِّهم على إحياء الميِّت ببعضِ البقرة.
(١) في (أ): "آرائهم" وفي (ر): "آبائهم".
(٢) في (ف): "نفوسهم".
(٣) في (ف): "نخبر".
(٤) لفظ "بقرة" من (أ).
(٥) في (ر): "يتعجبون أن أمر القتيل يتبين بذاك" بدل: "تعجبوا أن يتبين لهم أمر القتيل بذلك".
(٦) "بعض" ليس في (أ).