والهاءُ للتَّوحيد على هذين القولين.
وقال السُّدِّيُّ: السَّيِّئةُ: الذُّنوبُ التي أوعدَ (١) عليها النَّارَ (٢). وعلى هذا تكونُ الهاءُ للجَمْع.
وقوله: {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ}؛ أي: أطافت به من كل وجه. قال القفَّال: كلُّ ذنبٍ خطأٌ وخطيئةٌ؛ لأنَّه ليس بصوابٍ، وإحاطتُه بالعبدِ أن يكون ذنبًا أحبطَ ثوابَ كلِّ أعمالِه، وليس ذلك إلَّا الشِّركَ.
ويجوز أن يكون معناه: من كسب شِركًا، وأحاط به ذلك؛ أي: أقامَ عليه حتَّى مات.
ويجوزُ أن يكون (٣) {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ}؛ أي: أهلكته، واشتمَلتْ عليه، فلا يَتَخلَّصُ مِنها، من قوله: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} الكهف: ٤٢، وقولِه تعالى: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} يونس: ٢٢، وقولِه تعالى: {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا} الفتح: ٢١؛ أي: قد حصرَها لكم واحتَبسَها عليكم، بحيث لا خروجَ لها عن أيديكم متى قصدتُم الاستيلاءَ عليها.
ويجوز أن يكون المعنى {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ}؛ أي: استولَت عليه وغلَبتهُ، فلم يبقَ لغيرها عليه حكمٌ.
ولا حجَّة فيها للخوارج والمعتزلة في تخليدِ صاحب الكبيرة في النَّار أخذًا بظاهرها؛ فإنَّ السَّيِّئةَ اسمٌ للعملِ السَّيِّئ، والخطيئةَ اسمٌ للذَّنب؛ لأنَّا قلنا: إنَّ السَّيِّئة
(١) بعدها في (ر): لفظ الجلالة "اللَّه".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢/ ١٨٠).
(٣) بعدها في (أ): "ومعنى".