أي: وَاتَرْنا الرُّسُلَ مِن بعده، فقد روي أنَّ اللَّهَ تعالى بعثَ بعد موسى إلى عصر سيِّدنا عيسى أربعةَ آلاف نبي. وقيل: سبعين ألف نبي.
وقوله تعالى: {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ} موسى وعيسى ومريم أسماءٌ أعجميَّةٌ، ولذلك لا ينصرف حين اجتمعَتِ العُجمَةُ والتَّعريف.
ومعنى موسى أنَّ "مو" في لسانهم: الماء، و"شى": الشجر، وهم يقولون: موسى، ومعناه أنَّه أُخِذَ مِن بين الماء والشجر؛ أي: من (١) تابوتٍ جُعِلَ هو فيه، ثمَّ جُعِلَ التَّابوتُ في الماء، فأُخِذ في دارِ فرعون -عليه لعائن اللَّه تترى-، ونُقِلَت الشِّين إلى السِّين في العربيَّة.
وعيسى في لسانهم: عيشى بالشين، فهو (٢) من العيش الذي هو الحياة، وكان يُحيي اللَّهُ تعالى بدعائِه الموتى، ونُقِلَت إلى السِّين في العربيَّة، وإن جعل في الأصل بالسِّين فهو من العَيَس الذي هو البياض.
ومريم قيل معنا ها بالسُّريانية: الخادم، وقد جعلَتها أمُّها محرَّرةً لخدمةِ المسجد.
و {الْبَيِّنَاتِ}: الآيات الظَّاهرات، مِن قولك: بان؛ أي: ظهرَ، وأَبانَ كذلك، ويكونُ أَبانَ بمعنى أظهر أيضًا، واختُلِف في المراد بها هاهنا:
قيل: هي (٣) الإنجيل.
وقال ابنُ عباس رضي اللَّه عنهما: هي المعجزاتُ وهي إذهابُ البَرَصِ، وإبراءُ
= والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة".
(١) بعدها في (ر): "بين".
(٢) بعدها في (ر): "وهو"، وليس في (أ).
(٣) بعدها في (ر) و (ف): "في".