وقيل: الأوَّلُ بقولهم: {عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} التوبة: ٣٠، وقولِهم: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ}، والآخرُ بما ذَكَرْنا.
وأحسنُ ما قيل فيه أنَّ معناه: استَحَقُّوا غضبًا متتابِعًا لا ينقطعُ، كما يقال: فلانٌ يحسنُ إليَّ إحسانًا على إحسان؛ أي: على التتابع.
وقوله تعالى: {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ} أي: مُذِلٌّ بعد عزِّهِم في الدُّنيا.
وقيل: المهِينُ هو اللَّهُ تعالى بالعذاب، وأضيفَ إلى العذاب توسُّعًا، لأنه به يَقَعُ، ودلَّ (١) أنَّ عذابَ المؤمنين تأديبٌ وتطهيرٌ، وعذابَ الكفَّار إهانةٌ وتشديد، قال اللَّه تعالى: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} المؤمنون: ١٠٨، وقال تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} الدخان: ٤٩، وقال تعالى: {يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ} القمر: ٤٨.
وقيل: للكافرين عذابٌ مهينٌ في الدُّنيا أيضًا، وما كان للمؤمن فيها فهو تَمحيصٌ وتَكفِير.
* * *
(٩١) - {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
وقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} أي: وإذا قال أصحابُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لهؤلاء اليهودِ الذين يكفرونَ بالقرآن: آمنوا بالقرآنِ والإنجيل.
وقوله تعالى: {قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا} أي: بالتَّوراة التي هي كتابُنا، أُنزِلَ على نبيِّنا موسى صلوات اللَّه عليه، والمنزَلُ على النَّبيِّ منزَلٌ على أمَّتِه معنى؛ لأنَّه يَلزمُهم.
(١) في (أ): "فدل".