وقيل (١): بما وراءه؛ أي: وراءَ التَّوراة، وهو الإنجيلُ والقرآن.
وقيل: "ما" بمعنى "من"، كما في قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}، ومعناه: بمن وراء موسى، وهو عيسى ومحمَّد عليهما السَّلام.
وقوله تعالى: {وَهُوَ الْحَقُّ} إشارةٌ إلى ما وراءَه، فوحَّد لتوحُّدِ اللَّفظ.
وقوله تعالى: {مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ} أي: الإنجيلُ موافقٌ للتَّوراة، والقرآنُ كذلك، وعيسى مصدِّقٌ لموسى، ومحمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم- كذلك، وبه يَبطُلُ إيمانُهم بالتَّوراة وبموسى؛ لأنَّ في التوراة الأمرَ بالإيمان بالإنجيل وبالقرآن، وبعيسى ومحمَّدٍ، وموسى كان يَأمرُ بذلك، فمن كفرَ بما وافقَ كتابَه ورسولَه، فقد كفرَ بكتابِه ورسوله.
وقوله تعالى: {قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ} {لم} أصلُه: "لما"، لامُ التَّعليلِ دخلَت في "ما" التي هي للاستفهام، وسَقطت الألفُ تخفيفًا؛ لكثرة الاستعمالِ في الاستفهام، وهو كقولهم: بم، وعمَّ، وفيم.
{تَقْتُلُونَ} مستقبلٌ في معنى الماضي، كما في قوله تعالى: {مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} (٢) البقرة: ١٠٢؛ أي: ما تلت، وقال: {وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} النساء: ١٦٢، وقال: {وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ} البروج: ٧، وهو للحال في الماضي، و"كنتم" فيه مضمرٌ؛ أي: فلم كنتم تقتلون أنبياء اللَّه؟ ولذلك قال: {مِنْ قَبْلُ}، فدلَّ (٣) أنَّه ليس لمحضِ الحالِ ولا للاستقبال.
وإنَّما وبَّخهم بقتل الأنبياء والخطاب لأهل عصرِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهم لم
(١) في (أ): "قوله".
(٢) في (أ): "واتبعوا ما".
(٣) بعدها في (ر): "على".