ويجوزُ أن يكون قولُه: {لَكُمُ} خبرًا، و {الدَّارُ} اسمًا، و {خَالِصَةً} نصبًا على القطع.
ويجوز أن يكون {خَالِصَةً} مصدرًا، كالعافية، والخائنة، والباقية. ومعناه: خلوصًا؛ أي (١): على الخلوص.
وقوله: {مِنْ دُونِ النَّاسِ} أي: من دون محمَّد وأصحابِه، وتُستعمَلُ هذه اللَّفظةُ للاختصاص، يقال: هذا لي مِن دون الناس؛ أي: أنا مختصٌّ به.
وقوله تعالى: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} أي: تشهَّوه. قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: أي: فاسألوا الموتَ (٢).
وفي روايةٍ قال: فادعوا بالموت لأيِّ الفريقينِ كان أكذب (٣).
وقال قتادةُ وأبو العالية والرَّبيعُ: أي: فتمنَّوا الموتَ لأنفسِكم إن كنتُم صادقين في دعوى البنوَّة، والمحبَّة، والاختصاص بالجنة (٤).
وأكثرُ أهل العلم على هذا، ووجهُه: إن كانت لكم عند اللَّه خالصةً (٥) هذه المنزلةُ، ولا يدخلُ غيرُكم الجنَّةَ، فتَمنَّوا الموتَ لتصيروا إليها؛ لأنَّ مَن كان على هذه الصِّفة لا يَكرهُ لقاءَ اللَّه، بل يَحرصُ على التَّعجيل إلى كرامتِه.
فإن قالوا: إنَّ المؤمنين أجْمَعوا على أنَّ الجنَّة للمؤمنين دون غيرِهم، ثمَّ
(١) لفظ: "أي" من (أ).
(٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" (١/ ٢٧٢).
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" (١/ ٢٦٩).
(٤) أخرج أقوالهم الطبري في "تفسيره" (٢/ ٢٧٠).
(٥) لفظ: "خالصة" ليس في (أ).