فقال عمر: فإنِّي أشهد: مَن كان عدوًّا لجبريل؛ فإنَّه عدوٌّ لميكائيل، ومَنْ كان عدوًّا لميكائيل؛ فإنَّه عدوٌّ لجبريل.
فقال: يا عمر، لا تقولنَّ هذا، فنزلت الآيةُ كما قال عمرُ رضي اللَّه تعالى عنه (١).
وقوله تعالى: {فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} أي: فإنَّ جبريل نزَّل القرآن، وهو قولُ ابنِ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما (٢) وعامَّةِ أهل التَّفسير والتَّأويل، وقد تقدَّم ذكرُ القرآن في قوله تعالى: {وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ} البقرة: ٩١، فَصَلَح صرفُ قوله: {نَزَّلَهُ}، إليه.
وقولُه: {عَلَى قَلْبِكَ} أي: أوحاهُ إليكَ وقذفَهُ (٣) في قلبِك.
وقيل: أي: عليك؛ لتحفَظه بقلبك.
وقيل: أي (٤): تثبيتًا لقلبك.
وقوله تعالى: {بِإِذْنِ اللَّهِ} أي: بأمرِ اللَّه.
وقال القفَّال: قوله: {نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} أي: أخبِرهُم أنَّه نزَّله على قلبِك، ولو قال: على قلبي، جاز على حكاية اللَّفظ الذي يَقولُ لهم، وهو كقولك: قلْ لفلانٍ: إنَّ الخبر عندي كذا، ويجوز: عندك كذا.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: تقول الباطنيَّة: إنَّ القرآن لم ينزل على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالأحرفِ التي نقرؤها، لكنَّه إلهامٌ نزلَ على قلبه، ثمَّ صوَّره بهذه الأحرف.
(١) أورد بعضه الثعلبي قي "تفسيره" (١/ ٢٣٩)، والماوردي في "النكت والعيون" (١/ ١٦٣).
قال الحافظ ابن حجر في "الكافي الشاف" (ص: ٩): هكذا ذكره الثعلبي والواحدي والبغوي فقالوا: روى ابن عباس أن حبرا من أحبار. . . فذكره، ولم أقف له على سند.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (١/ ١٨٠) (٩٥٣).
(٣) في (ف): "وفرقه".
(٤) في (ف): "أن".