قلنا: هذا أمرٌ بتركِ قتال هؤلاء على الخصوص؛ لأنَّهم كانوا مُعَاهَدين.
ومعنى قوله: {حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} هو ما ذَكَرنا في الحكم بقتلِ هؤلاء وإجلاءِ هؤلاء.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: يحتمل أن يكون هذا نهيًا عن مكافأتهم على إيذائهم في الدُّنيا، ثم لم ينتسخ (١).
وقوله تعالى: {حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} أي: بعذابِهِ في الآخرة.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}؛ أي: مِن التَّعذيبِ والانتقامِ وكلِّ شيءٍ.
وقيل: {قَدِيرٌ} على تفريجِكم عن أذاهم من غير قتالٍ، فانتظروا الفرجَ، واشتغلوا الآن بالصَّلاة والزَّكاة، ولذلك وَصَل هذه الآيةَ بقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}، وهو نظيرُ قوله تعالى: {وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (٢) يونس: ٨٧ أي: بالفَرَج.
* * *
(١١٠) - {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
وقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}؛ أي: أدُّوهما شكرًا لنعمةِ سلامةِ النَّفسِ وثروةِ المال؛ ليكونَ الشُّكر سببًا لبقاءِ نعمةِ الإيمان، فلا تقدر اليهودُ على صرفِكم عنه.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (١/ ٥٣٦).
(٢) بعدها في (ف): "وآتوا الزكاة" وهي مقحمة.