وقرأ الأعمش: «وأنطاهم تقواهم» ، وهي بمعنى أعطاهم، ورواها محمد بن طلحة عن أبيه. وهي في مصحف عبد الله.
وقوله تعالى: فَهَلْ يَنْظُرُونَ يريد المنافقين، والمعنى: فَهَلْ يَنْظُرُونَ أي هكذا هو الأمر في نفسه وإن كانوا هم في أنفسهم ينتظرون غير ذلك، فإن ما في أنفسهم غير مراعى، لأنه باطل.
وقرأ جمهور الناس: «أن تأتيهم» ف أَنْ بدل من السَّاعَةَ. وقوله تعالى على هذه القراءة.
فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها إخبار مستأنف والفاء عاطفة جملة من الكلام على جملة. وقرأ أهل مكة فيما روى الرؤاسي «إن تأتهم» بكسر الألف وجزم الفعل على الشرط، والفاء في قوله: فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها جواب الشرط وليست بعاطفة على القراءة الأولى فثم نحو من معنى الشرط. و: بَغْتَةً معناه: فجأة، وروي عن أبي عمرو «بغتّة» بفتح الغين وشد التاء. وقوله: فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها على القراءتين معناه: فينبغي أن يقع الاستعداد والخوف منها لمن جزم ونظر لنفسه. والذي جاء من أشراط الساعة محمد عليه السلام لأنه آخر الأنبياء، فقد بان من أمر الساعة قدر ما، وفي الحديث عنه عليه السلام أنه قال: «أنا من أشراط الساعة وقد بعثت أنا والساعة كهاتين وكفرسي رهان» . ويقال شرط وشرط: بسكون الراء وتخفيفها، وأشرط الرجل نفسه: ألزمها أمورا. وقال أوس بن حجر: الطويل
فأشرط فيها نفسه وهو معصم ... وألقى بأسباب له وتوكلا
وقوله تعالى: فَأَنَّى لَهُمْ الآية، يحتمل أن يكون المعنى: فَأَنَّى لَهُمْ الخلاص أو النجاة إِذْ جاءَتْهُمُ الذكرى بما كانوا يخبرون به في الدنيا فيكذبون به وجاءهم العذاب مع ذلك. ويحتمل أن يكون المعنى: فأنى لهم ذكراهم وعملهم بحسبها إذا جاءتهم الساعة، وهذا تأويل قتادة، نظيره: وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سبإ: ٥٢ .
وقوله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ الآية إضراب عن أمر هؤلاء المنافقين وذكر الأهم، والمعنى: دم على علمك، وهذا هو القانون في كل أمر بشيء هو متلبس به، وهذا خطاب للنبي عليه السلام، وكل واحد من الأمة داخل معه فيه. واحتج بهذه الآية من قال من أهل السنة: إن العلم والنظر قبل القول، والإقرار في مسألة أول الواجبات. وبوب البخاري رحمه الله العلم قبل القول والعمل لقوله تعالى:
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ الآية، وواجب على كل مؤمن أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات، فإنها صدقة. وقال الطبري وغيره: مُتَقَلَّبَكُمْ تصرفكم في يقظتكم. وَمَثْواكُمْ منامكم. وقال ابن عباس: مُتَقَلَّبَكُمْ تصرفكم في حياتكم الدنيا. وَمَثْواكُمْ في قبوركم وفي آخرتكم.
قوله عز وجل:
سورة محمد (٤٧) : الآيات ٢٠ الى ٢٣
وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ (٢٠) طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ (٢١) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ (٢٣)