وقَدْ قالَ - صلى الله عليه وسلم -: "الزُّهْدُ في الدُّنيا يُرِيحُ القَلْبَ والبَدَنَ، والرَّغْبَةُ في الدُّنيا تُورِث الهَمَّ والحَزَنَ" (١).
* قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "إني بُعِثْتُ لأَهْلِ البَقِيعِ لأُصَلِّي عَلَيْهِم" ٨٢٧ يعنِي: بُعِثْتُ لأَهْلِ القُبُورِ لِنَدْعُو لَهُم.
قالَ أَبو مُحَمَّدِ: كَانَ هذَا قَبْلَ وَفَاتهِ بِخَمْسِ لَيَالِي كالمُوَدِّعِ للأَحْيَاءِ، وفي هذَا دَلِيلٌ على أَنَّ الدُّعَاءَ الصَّالِحَ يَلْحَقُ المَوْتَى في قُبُورِهِم، وَهُو مِنَ العَمَلِ الذي يَنْتَفِعُ بهِ المَيّتُ بعدَ مَوْتهِ في قَبْرِه.
* قَوْلُ أَبي هُرَيْرَةَ: (أَسْرِعُوا بجَنَائِزِكُم) ٨٢٨، يعنِي: أَسْرِعُوا بالمَوْتَى إلى القُبُورِ، فإِمَّا أَنْ تَقْدِمُونَهُم لِخَيْرِ أَعْمَالِهِم، أَو تَضَعُوا عَنْ رِقَابِكُم ثُقْلَ حِمْلَانِهِم إنْ لم تَكُنْ لَهُمْ أَعْمَالٌ صَالِحَةٌ يَقْدِمُونَ عَلَيْهَا.
قالَ ابنُ القَاسِمِ: لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ النَّعْشَ الذي يُعْمَلُ على المَيْتَةِ، ويُرْمَى عَلَيْهَا في نَعْشِها مَا يَسْتُرُها، وكَذَلِكَ عندَ إلحَادِهَا في قَبْرِهَا.
قالَ مَالِكٌ: أَوَّلَ مَنْ صُنِعَ ذَلِكَ بِهَا زينَبُ بنتُ جَحْشٍ حينَ مَاتَتْ، فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ بنُ الخَطَابِ قالَ للتِي صَنَعَتْهُ: (سَتَرْتيهَا سَتَرَكِ اللهُ مِنْ ذُنُوبِكِ) (٢).
* * *
تَم كِتَابُ الجَنَائِزِ، والحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ،
يَتْلُوهُ كِتَابُ النُّذُورِ بِحَوْلِ اللهِ تَعَالَى
* * *
(١) رواه البيهقي في شعب الإيمان ٧/ ٣٤٧، من حديث طاووس مرسلا، ورواه ابن الجوزي في العلل المتناهية (١٣٤٣)، من حديث أبي هريرة مرفوعا، وقال: هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٢) رواه بنحوه البيهقي في السنن ٧/ ٧١، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٢/ ١٨٢.