وقالَ المُغِيرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحمنِ (١)، وعبدُ المَلِكِ بنُ المَاجِشُونَ: إنَّهَا تُقَوَّمُ في الجِنَايَةِ بِمَالِهَا، فإنْ كَانَتْ جِنَايَتُهَا أَكثَرُ مِنْ قِيمَتِهَا لَمْ يُلْزَمُ السَّيِّدُ غُرْمَ مَا زَادَ على قِيمَتِهَا، ولَمْ تتبْعْ هِيَ بِشَيءٍ مِمَّا زَادَ الأَرْشُ على قِيمَتِهَا مِنَ الجِنَايَةِ وإن عُتِقَتْ.
قالَ مَالِكٌ: ولَيْسَ على عَاقِلَةِ سَيِّدِهَا شَيءٌ مِنْ جِنَايَتِهَا، لأَنَ العَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ جِنَايَةَ العَبِيدِ.
* قَوْلُ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ حِينَ ذَكَرَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَخَذَ ابْنَهُ عَاصِمًا بَعْدَ أَنْ كَانَ طَلَّقَ أُمُّهُ، إذْ وَجَدَهُ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ، فَنَازَعَتْهُ فِيهِ جَدَّةُ الصَّبِيِّ، فتَحَاكَمَا في ذَلِكَ إلى أَبي بَكْرٍ الصدِّيقِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، فَقَضَى للجَدَّةِ بِحَضَانَةِ ابنِ ابنَتِهَا ٢٨٣٨.
ومِنْ هَذا الحَدِيثِ قَالَ مَالِكٌ: إنَّ الجدَّةَ أَحَقُّ بالحَضَانَةِ، والأُمُّ أَحَق بِحَضَانَةِ ابْنِهَا مِنَ الأَبِ، لِقَول اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} البقرة: ٢٣٣، يَعْنِي: لا يُنْزَعُ مِنْهَا في حَالِ الصِّغَرِ.
* قالَ مَالِكٌ: إلَّا أَن تتزوَّجَ، فإنَّ للأَبِ حِينَئِذٍ أَخْذُ وَلَدِهِ إذا دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَها أُمُّ أو أُخْتٌ، فَيَكُونَانِ أَحَقُّ بِحَضَانَةِ الوَلَدِ مِنَ الأَبِ، فإنْ انتقَلَ الأَبُ إلى بَلَدٍ آخَرَ كَانَ لَهُ أَخذُ وَلَدِهِ.
* حَدِيثُ "سيلِ مَهْزُوزٍ ومُذَيْنيبٍ"، مُرْسَلٌ فِي رِوَايةِ مَالِكٍ ٢٧٥٤ ومِثْلُهُ حَدِيثُ: "مَنْ أَحْيَا أَرضًا مَيتَةً فَهِيَ لَهُ، ولَيْسَ لِعِرقٍ ظَالِمٍ حَقٌ" ٢٧٥٠.
قالَ أَبو المُطَرِّفِ: إنَّمَا هَذا في فَيَافِيَ الأَرْضِ التي لَا تَكُونُ مِنْ حَوْزٍ وَاحِدٍ، وحَيثُ لَا يتَشَاحُّ النَّاسُ فِيهَا، والعِرْقُ الظَّاِلمُ: هُوَ كُلُّ مَا أُنْبتَ لَهُ فِيهَا، وأَمَّا المَوَاتُ القَرِيبُ مِنَ العِمَارَةِ فَلَيسَ لأَحَدٍ أَنْ يَعْمُرَ تِلكَ إلَّا بقَطِيعَةٍ مِنَ الإمَامِ، وأَمَّا مَا بَعُدَ عَنْهُ فَهِيَ لِمَنْ أَحْيَاهَا، وإحْيَاءُ الأَرْضِ: حَفْرُ الآبَارِ، وإجْرَاءُ العُيُونِ،
(١) هو المغيرة بن عبد الرحمن بن عبد الرحمن القُرشي المخزومي المدني الإِمام الفقيه، توفي في سنة (١٨٦)، ترتيب المدارك ٣/ ٢، وجمهرة تراجم الفقهاء المالكية ٣/ ١٢٦٣.