٣ - وقوله تعالى: (كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) (الأعراف: ٢)
قال الطبري (ت: ٣١٠ هـ) -رحمه الله-:
أي: " فلا يَضِقْ صدرُك- يا محمَّدُ- مِن إبلاغِ القُرآنِ، والإنذارِ به، ولا يكُنْ لديكَ شكٌّ واشتباهٌ في أنَّه مُنزَّلٌ مِن عندِ الله تبارك وتعالى، فلْيَنشرِحْ له صَدرُك ويتَّسِعْ، ولْتطمَئِنَّ به نفسُك، واصبِرْ على ما كُلِّفْتَ به مِن أثقالِ النُّبوَّةِ، وتَحمَّلِ الأذى، ولا تخشَ لائمًا، ولا مُعارِضًا ". (١)
٤ - وقوله تعالى: (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل: ٨٩)
قال ابن مسعود (ت: ٣٢ هـ) رضي الله عنه-: " قد بين لنا في هذا القرآن كل علم، وكل شيء ". (٢)
وفي الآية دلالة على وجود القرآن، وهو محفوظ في الصدور، ومكتوب في السطور.
ومما يدلل على ما ذُكِرَ آنفًا من السنة المطهرة كذلك ما يلي:
١ - ما ثبت عند مسلم من حديث أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "لَا تَكْتُبُوا عَنِّي، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ وَحَدِّثُوا عَنِّي وَلا حَرَجَ … " (٣)
قال النووي (ت: ٦٧٦ هـ) -رحمه الله- في شرحه لصحيح مسلم:
" … وَكَانَ النَّهْي حِين خِيفَ اِخْتِلَاطُهُ بِالْقُرْآنِ فَلَمَّا أَمِنَ ذَلِكَ أَذِنَ فِي الْكِتَابَة، وَقِيلَ: إِنَّمَا نَهَى عَنْ كِتَابَة الْحَدِيث مَعَ الْقُرْآن فِي صَحِيفَة وَاحِدَة; لِئَلا يَخْتَلِط، فَيَشْتَبِه عَلَى الْقَارِئ فِي صَحِيفَة وَاحِدَة". (٤)
٢ - وكذلك ما ثبت عند مسلم كذلك من حديث عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " لَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ، فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُ ". (٥)
وفي رواية-عَنْه- أيضًا-، قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ". (٦)
(١) - تفسير الطبري: (١٠/ ٥٤ - ٥٥).
(٢) - تفسير ابن كثير: (٤/ ٥٩٥).
(٣) - رواه مسلم في الزهد باب التثبت في الحديث .. (٣٠٠٤)
(٤) - شرح مسلم: (١٨/ ١٢٩ - ١٣٠).
(٥) - رواه مسلم في الإمارة باب: النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار .. (١٨٦٩).
(٦) -البخاري (٤٧٤١ (، مسلم - الإمارة (١٨٦٩).