أولًا: الأدلة من القرآن الكريم
١ - قوله تعالى: (وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك فتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلمًا وزورًا) (الفرقان: ٤)
قال الطبري (ت: ٣١٠ هـ) -رحمه الله-:
وقوله تعالى: (وأعانه عليه قوم آخرون) قال مجاهد: يعني اليهود. وإنما يعنون بذلك القرآن، فدل ذلك على وجود كتاب بينهم. (١)
٢ - كذلك قوله سبحانه: (وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) (الفرقان: ٥)، ومعنى" الأساطير" الأباطيل والأحاديث العجيبة (٢)
و"الأساطير": أحاديثُ لا نظام لها. (٣)
يقول البغوي (ت: ٥١٦ هـ) -رحمه الله-:
"يعني النضر بن الحارث يقول: إن هذا القرآن ليس من الله وإنما هو مما سطره الأولون، مثل رستم وإسفنديار، "اكتتبها" محمد من جبر، ويسار، وعداس، ومعنى "اكتتب" يعني طلب أن يكتب له، لأنه كان لا يكتب (فهي تملى عليه) يعني تقرأ عليه ليحفظها لا ليكتبها، (بكرة وأصيلًا)
غدوة وعشيًا. قال الله - عز وجل - ردًا عليهم: (قل أنزله) يعني القرآن (الذي يعلم السر) يعني الغيب (في السماوات والأرض إنه كان غفورًا رحيمًا) ". (٤)
ويقول الألوسي: (ت: ١٢٧٠ هـ) -رحمه الله-:
"وقائلُ هذه المقولة هو النضر بن الحارث، وأمثاله ممَّن شايعه كعبدِالله بن أميَّة، ونوفل بن خويلد، وغلاة المشركين". (٥)
وإذا كان النضر بن الحارث قد تعلَّم قصص رستم وإسفنديار وأشعار العجم في ديارهم، ثم عاد بها إلى مكة ليقصَّ أساطيرهم وأكاذيبهم على الناس، فأين تعلَّم النبي- صلى الله عليه وسلم-؟! ومن الذي علمه؟!، حتى يقولوا أساطير الأولين اكتتبها.
(١) - حكاه الطبري، ولم يذكر غيره. وتُنظر سائر الأقوال في: البحر المحيط: ٦/ ٤٨١، زاد المسير: ٦/ ٧٢ - ٧٣. زاد المسير في علم التفسير المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: ٥٩٧ هـ) المحقق: عبد الرزاق المهدي الناشر: دار الكتاب العربي - بيروت الطبعة: الأولى - هـ.
(٢) -المعجم الوجيز، ط ١، مادة (س ط ر ١)
(٣) - روح المعاني؛ للألوسي، (٥/ ٥١٠).
(٤) تفسير البغوي: (٣/ ٣٦١).
(٥) - روح المعاني للألوسي (١٠/ ٣١٩).