قال ابن الصباغ -رحمه الله-:
وكذلك ما نقل عن ابن مسعود في المعوذتين، يعني أنه لم يثبت عنده القطع بذلك، ثم حصل الاتفاق بعد ذلك.
وقد استشكل هذا الموضع الفخر الرازي، فقال: إن قلنا: إن كونهما من القرآن كان متواترًا في عصر ابن مسعود لزم تكفير من أنكرهما، وإن قلنا: إن كونهما من القرآن كان لم يتواتر في عصر ابن مسعود لزم أن بعض القرآن لم يتواتر. قال: وهذه عقدة صعبة.
وأجيب باحتمال أنه كان متواترًا في عصر ابن مسعود، لكن لم يتواتر عند ابن مسعود، فانحلت العقدة بعون الله تعالى. (١)
القول السابع: قول الفخر الرازي: وهو: أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي الطبرستاني (ت: ٦٠٦ هـ)
وقال الرازي -رحمه الله-: مكذبًا ومبطلًا لتك الشبهة:
الأغلب على الظن أن نقل هذا المذهب عن ابن مسعود، نقل كاذب باطل. (٢)
القول الثامن: قول أبي زكريا يحيى بن شرف النووي: (ت: ٦٧٦ هـ)
قال النووي -رحمه الله-: في "المجموع ":
أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة وسائر السور المكتوبة في المصحف قرآن، وأن من جحد شيئًا منه كفر، وما نقل عن ابن مسعود في الفاتحة والمعوذتين باطل ليس بصحيح عنه قال ابن حزم في أول كتابه المجاز هذا كذب على ابن مسعود موضوع، وإنما صح عنه قراءة عاصم عن زر عن ابن مسعود، وفيها الفاتحة والمعوذتان. (٣)
وردُّ النوويِ كذلك ردٌ قيمٌ مقنعٌ، وفيه التأدب مع ابن مسعود- رضي الله عنه- وإنزاله
منزلته.
(١) يُنظر: فتح الباري: (٩/ ٥٩٠). ط. دار الفكر، نسخة مصححة على عدة نسخ، منها النسخة التي حقق أصولها وأجازها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-.
(٢) - مفاتيح الغيب: (١/ ١٧٨).
(٣) - المجموع للنووي: (٣/ ٣٥٠).