وقد أحسن النووي واختصر، وجمع فأوعى في أمور ثلاثة:
الأول: أنه حكى فيه الإجماع بقوله: " أجمع المسلمون ".
والثاني: أنه قد شدد النكير في ذلك وحذر بقوله: "وأن من جحد شيئًا منه كفر".
والثالث: أنه قد رد هذه الشبهة وأبطلها، بقوله: "وما نقل عن ابن مسعود في الفاتحة والمعوذتين باطل ليس بصحيح عنه".
القول التاسع: قول مُحَمَّد صِدِّيق حَسَن خَان القِنَّوْجِيُّ (ت: ١٣٠٧ هـ)
قال القِنَّوْجِيُّ -رحمه الله-:
وَقَالَ بعضُ الناسِ: لمْ يَكْتُبْ عَبْدُ اللَّهِ المعوذتَيْنِ؛ لأنَّهُ أَمِنَ عَلَيْهِمَا مِنَ النسيانِ فَأَسْقَطَهُمَا وَهوَ يَحْفَظُهُمَا، كما أَسْقَطَ فاتحةَ الكتاب مِنْ مُصْحَفِهِ. (١)
هذا القول: مجمل، وقد مر معنا تفصيل ذلك ولله الحمد.
القول العاشر: قول محمد عبد العظيم الزُّرْقاني (ت: ١٣٧٦ هـ)
قال الزُّرْقاني -رحمه الله-:
يحتمل أن إنكار ابن مسعود لقرآنية المعوذتين والفاتحة على فرض صحته كان قبل علمه بذلك، فلما تبين له قرآنيتهما بعد تم التواتر وانعقد الإجماع على قرآنيتهما كان في مقدمة من آمن بأنهما
من القرآن، قال بعضهم: يحتمل أن ابن مسعود لم يسمع المعوذتين من النبي-صلى الله عليه وسلم-، ولم تتواترا عنده فتوقف في أمرهما، وإنما لم ينكر ذلك عليه لأنه كان بصدد البحث والنظر، والواجب عليه التثبت في هذا الأمر، ولعل هذا الجواب هو الذي تستريح إليه النفس؛ لأن قراءة عاصم عن ابن مسعود -رضي الله عنه- ثبت فيها المعوذتان والفاتحة، وهي صحيحة، ونقلها عن ابن مسعود صحيح، وكذلك إنكار ابن مسعود -رضي الله عنه- للمعوذتين جاء من طريق صححه ابن حجر؛ إذا فليحمل هذا الإنكار على أولى حالات ابن مسعود جمعًا بين الروايتين. (٢)
(١) فتح البيان في مقاصد القرآن للقِنَّوْجِيُّ: (١٥/ ٤٥٣ - ٤٥٤)
(٢) - مناهل العرفان للزرقاني: (١/ ٢٧٦).