نقول قد أحسن الزُّرْقاني -رحمه الله- ولكن يجاب عما نقل من أقوال بطريقة "الفنقلة" بما يلي: (١):
١ - قوله: يحتمل أن إنكار ابن مسعود لقرآنية المعوذتين والفاتحة على فرض صحته كان قبل علمه بذلك.
قلنا بأنه: كيف يحتمل ذلك من أعلم الناس بكتاب الله.
٢ - قوله: فلما تبين له قرآنيتهما بعد تم التواتر وانعقد الإجماع على قرآنيتهما كان في مقدمة من آمن بأنهما من القرآن.
قلنا بأنه: لو صح ذلك لثبتت تلك الشبهة وهذا الطعن ولو في أول الأمر، وقد مر معنا تفنيد هذه الشبهة وضعف الآثار المروية فيها.
٣ - وقوله: قال بعضهم: يحتمل أن ابن مسعود لم يسمع المعوذتين من النبي-صلى الله عليه وسلم-.
قلنا بأنه: كيف لم يسمعهما مع ما مر بنا من سعة علمه ومكانته وفضله وسبقه وحرصه وملازمته لرسول الله-صلى الله عليه وسلم-.
٤ - وقوله قال بعضهم: ولم تتواترا عنده فتوقف في أمرهما.
قلنا بأنه: كيف لم تتواتر عنده وسنده المثبت لهما بقراءة عاصم خير شاهد- وقد أجاب الزرقاني بذلك-
٥ - وقوله عن بعضهم "كان بصدد البحث والنظر".
قلنا إنه: أمر مستبعد تمامًا من مثله- رضي الله عنه- ولا نعلم قرينة تدل عليه، فهل ثبتت قرآنيتهما عند الصحابة ولم يثبت ذلك عنده بعد حتى يبحث وينظر في شأن قرآنيتهما.
٦ - وقوله: ولعل هذا الجواب هو الذي تستريح إليه النفس.
قلنا إنه: -رحمه الله- مؤيد للردود والاحتمالات السابق ذكرها-على فرض صحة ما ذُكِر من الشبه-، ولم يسند تلك الجوابات لقائليها.
٧ - وقوله: وإنكار ابن مسعود - رضي الله عنه- للمعوذتين جاء من طريق صححه ابن حجر.
(١) و"الفنقلة" معناها "إذا قلتم كذا قلنا كذا".
ولقد جرى المحققون على "التفصيل" و "الفنقلة"، و"الفنقلة" عندهم منحوتةٌ، من قولهم: (فإن قيلَ، قلنا)، كالبسملة والحيعلة. وهي من أحسن الطرق في نفي الشبهة عن جواب المفتي والمدرّس، وتجدها عند أبي العباس وتلميذه ـ رحمهما الله ـ، ومن المعاصرين شيخنا ابن عثيمين ـرحمه الله ـ.
وقد قلتُ في ذلك:
إذا سطرْتَ جوابًا في مُساءلةٍ … فحرِّرِ القولَ فيها وفصّلِ
وبيِّنِ الحكمَ فيها ولا تدَعْ … تعقيبَ هذا باحترازٍ وفنقِلِ.
التفصيل والفنقَلَة، مقال لأبي عبد الله النجدي نقلًا عن موقع أهل الحديث. (د ت)